الإسلام والهدف من خارج الملعب… وسؤال في الثقافة.

سلكَت العديد من الحركات والاتجاهات الإسلامية مسالك عدة للوصول إلى الحكم عن طريق التجربة الديمقراطية، وتختلف تقويمات المهتمين بهذا الشأن بين مؤيد ومعارض، ولكن أحببت أن أتساءل في هذا المجال الشائك.

  1. هل يمكن أن ينجح الإسلام إذا كان الفكر اللاديني سيحدد مساحة الملعب وفق قواعد لعبته الديموقراطية، وأن تكون معايير الغرب هي الحاكمة في الصراع مع الإسلام، أم أن الإسلام لا يسمح للديمقراطية وفق معايير الفكر اللاديني أن تحدد له ما يمكن ويصح، وما لا يمكن ولا يصح؟
  2. فإذا دخل الإسلام اللعبة الديمقراطية بمعاييرها اللادينية الأوروبية، حسب شروط بلد المنشأ، فهذا يعني أن الفكر اللاديني الخصم للإسلام أصبح هو الحكَم على الإسلام في كونه مرجعية المجتمعات الإسلامية في حياتها العامة.
  3. وإنْ رفَض الإسلام قواعد اللعبة الديمقراطية، وفق معايير الفكر اللاديني الأوروبي، فسيعتبر نجاح الإسلام هدفا من خارج الملعب، وهو غير مشروع ديموقراطيا، وهو هدف باطل وفق المعايير الثقافية اللادينية المهيمنة مع الأسف.
  4. أما إذا وافقت القوى المحسوبة على الإسلام على قبول لعبة الديمقراطية فإن نجاحهم وتمكنهم من الهدف سيحسب على أنه تسلُّل، ولن يحتسب هدفا مشروعا، وعليه سيمنح حكَم الاستبداد الديمقراطي ضربة جزاء لصالح القوى اللادينية، بصفتهم أبناء البيت وأهله، ضد هؤلاء الدخلاء الذين يؤمنون بالمقدس، وهذا ما يفسر حالة انقلاب الديمقراطية الغربية على الديمقراطية العربية إذا أدَّت إلى صعود قوى محسوبة على المرجعية الإسلامية، وذلك لأنه وفق الفلسفة الديموقراطية لا يوجد مقدّس أصلا، وسيتهم هؤلاء المشايخ أنهم سيُدخلون المقدس وهو الإسلام، في الديمقراطية التي لا تؤمن بالمقدَّس أصلا، وهي الديمقراطية الفلسفية، وهذا خلاف طبائع الأشياء.
  5. وهذا التناقض حوَّل العرس الديمقراطي في ديار المسلمين إلى عزاء دموي، ولكن يصعب تفسيره باديَ الرأي، إلا إذا فهمنا الطبيعة الفلسفية للديمقراطية، التي تكْفُر بكل ما هو مرجع ديني في الحياة العامة ولو كان الإسلام، فكيف تكون وسيلة صالحة لحمل الإسلام الصراط المستقيم، وتعبئته في قوارير الديمقراطية الحلزونية الملتوية.
  6. وعليه فإن اتخاذ أي معايير خارجة عن الإسلام لتكون حاكمة عليه هو تحكُّم على الإسلام الذي ينبغي أن تكون معاييره هي الحاكمة على الديمقراطية وليس العكس.
  7. إن الحل هو البيان الشرعي عن الله تعالى ورسوله الذي يلحق الهزيمة النكراء بالقواعد الثقافية للفكر اللاديني الذي ارتكب الخطايا بحق البشرية والإنسانية وتحويلها إلى كائنات اقتصادية وبيولوجية ويقيم نجاحها بالمكاسب المادية بصرف النظر عن الأخلاق، واعتقاد أن الإسلام هو نِدٌّ ثقافي إيماني علمي عادل لكل ما هو لاديني خرافي في الاجتماع والسياسة والاقتصاد للثقافة الأوروبية اللادينية، وأن عالميته الإيمانية الإنسانية هي أقوى من العولمة الثفاقية اللادينية السلوكية الأوروبية، ولكن الأخيرة تتعاطى منشطات الهيمنة الصناعية والاقتصادية في محاربة حقيقة الإسلام الذي ينتشر ويتمدد دون الحاجة إلى تعاطي تلك المنشطات، بل بقوته العلمية والروحية.
  8. إن الديمقراطية الإدارية التي تتمثل في صندوق الانتخاب، وحرية الاختيار تشبه الشورى الإسلامية –مع مراعاة اختلاف المصدر- التي تجعل من الاختيار وفق آلية الصندوق وثوابت الشريعة جزءا لا يتجزأ من ممارسات المجتمع الإسلامي، ولكن الإشكال هو في الديمقراطية الفلسفية الحاكمة للديمقراطية الإدارية، وفي انقطاع الصلة بين آليات التمثيل الشرعية كصندوق الانتخاب وبين الجذور العقدية الإسلامية لها، بحيث أصبحت آلية الانتخاب تعاني من حالة تشوه خِلْقية من الناحية ارتباطاتها الفكرية، وهذا أدى إلى حالة من الاضطراب الفكري في المجتمعات الإسلامية، ومن ثم إلى صراع سياسي، واقتتال دموي، وبعد كل حالة دموية يطرح الحل من جديد بالدخول في دوامة الديمقراطية دون إجراء تقييم ومراجعة علمية دقيقة، تخلص الأمة من أزمتها، تأخذ بعين الاعتبار الواقع وثوابت الأمة في عقيدتها ودينها.
  9. إن الديمقراطية الإدارية هي آلية ووسيلة، وهي لا تختلف عن آلية التمثيل في الشورى الإسلامية، ومن هنا كانت الديمقراطية الإدارية جاذبة للمسلمين، في كونها غير معارضة للإسلام، وجزءا صميما من حياة المجتمع الإسلامي، حتى إذا دخل المجتمع المسلم هذه الديمقراطية الإدارية من الباب، وجد الديمقراطية الفلسفية على شكل أسودَ سالخ له زبــيـبتان (أَقْــتَلُ أنواع الحيّات) قابعا في سراديب الليل، لأنيابه جَرْش في عِظامهم، حتى إذا تلاطمت الآراء، أعقبها وقوع المسلمين في دمائهم، ولم يستطيعوا أن يفسروا لماذا تعيش اوربا في نعيم بسبب الديمقراطية، بينما تسفك الدماء بعد كل عرس ديمقراطي في ديار المسلمين، والسبب بسيط: وهو أن أوربا تحالفت مع ذلك الأسودِ الأقرعِ القابعِ في سمادير الإلحاد وكراهية الدار الآخرة، والجاحد لما أنزل الله تعالى من الحق والإيمان على قلب محمد -صلى الله عليه وسلم،أما أمتنا المؤمنة بالرسالة المحمدية ستبقى أمة مؤمنة مرحومة، وليست تلك العضة للمسلمين من ذلك الأسود السالخ إلا لُطْفا إلهيا بهذه الأمة، لتهرب من الإلحاد الفلسفي كهروبها من ذلك الأسود الأقرع اللعين، القابع في ظلام الشك والضلال.
  10. الطريق إلى السُّنة إجباري

 

وليد مصطفى شاويش

صبيحة الجمعة المباركة

عمان المحروسة

15-1-2016

5 thoughts on “الإسلام والهدف من خارج الملعب… وسؤال في الثقافة.

  1. يناير 16, 2016 - غير معروف

    جزاك الله خيرا. دكتور وليد
    تفسير سديد للواقع.
    وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى

  2. أكتوبر 17, 2019 - غير معروف

    ألله يجزيك الخير

  3. أكتوبر 17, 2019 - غير معروف

    رائع جدا بارك الله فيك مولانا نسأله الفهم

  4. أكتوبر 18, 2019 - غير معروف

    جزاك الله خيرا شيخي الكريم ودكتورنا الفاضل

  5. أكتوبر 18, 2019 - أيمن ذيابات

    جزاك الله خيرا شيخي الكريم ودكتورنا الفاضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top