الأجرة المتغيرة في الإجارة المنتهية بالتمليك…الاقتصاد الإسلامي … وتساؤلات في الثقافة!

تلجأ المصارف إلى الأجرة المتغيرة لتقدير أجرة العقار المبيع في الإجارة التمويلية أو المنتهية بالتمليك نظرا لامتداد هذا النوع من العقود إلى مدد طويلة نسبيا، ويمكن تحديد هذا التغير في الأجرة –على فرض جوازها- وفق سعر الفائدة في المصرف المركزي، المعروف بــــ”الجوديبر”، ونظرا لتأثر أسعار الفائدة الربوية عالميا بسوق الإقراض في لندن، فإن سعر الإقراض في الأردن وغيرها من ديارنا العربية والإسلامية سيتأثر حتما وفق سوق إقراض رأس المال في لندن، ورغبت هنا في طرح بعض التساؤلات الثقافية:

إذا كانت بعض المصارف ربطت الأجرة المتغيرة في عقد الإجارة المنتهي بالتمليك بأجرة متغيرة  حسب تغير سعر الفائدة الربوية في المصرف المركزي الإردني.

  1. أليس سعر الفائدة في المصرف المركزي الأردني (جوديبر) متأثرا بسعر سوق الإقراض في لندن (الليبور)، وبناء عليه هل يمكن للأخ “أبو العبد” أن يعرف نسبة تغير الأجرة لشقته المشتراة في عَمان بالإجارة المنتهية بالتمليك، بالرجوع مباشرة إلى سعر الإقراض في لندن (الليبور) ليستفيد علُو السند، والأخذ عن الشيخ مباشرة، بدلا من الأخذ عن التلميذ (الجوديبر) ليعرف نسبة الزيادة في الأجرة؟
  2. هل تتغير الأجرة فعلا في عمان حسب تغير سعر الفائدة المحرمة في المصرف المركزي “الجوديبر” في الأردن و”الليبور” في لندن، أم أن الأجرة في عمان تخضع لعوامل تختلف عن العوامل المؤثرة في سعر الفائدة في سوق إقراض رأس المال في لندن؟ أم هو فرض لحالة من الانفصال الاقتصادي بين واقع الأجرة الاقتصادي بسبب فرض سعر الفائدة في المصرف المركزي ولندن مؤشرا على تغير الإجارة؟
  3. ألم يشترط الفقهاء أن تكون الأجرة معلومة عند العقد، وأن العبرة بمعلومية الأجرة هو عند العقد، أما العقد الفاسد بسبب جهالة الأجرة فإن الأجرة تؤول إلى أجرة المثل وهي معلومة بعد العقد، فما بالك بأجرة متغيرة غير معلومة عند العقد، وتخضع في تقديرها إلى سعر الفائدة بالسند المتصل إلى سعر الفائدة الربوية عن الشيخين: “الجوديير” عن “الليبور”.
  4. ما مدى حالة الانفصام الثقافي الذي تفرضه الأجرة المتغيرة حسب سعر الفائدة الربوية على الاقتصاد الإسلامي الذي تتطلع الأمة أن يكون قائدا للاستقلال الثقافي والاقتصادي، ثم تفرض علينا التبعية الثقافية والاقتصادية لسوق الإقراض في لندن.
  5. هل يجوز للأخ أبو العبد وشركاؤه أن يبيعوا البطيخ بوضع لافتة كتب عليها “خيار” بحجة أن كليهما لونه أخضر ومستطيل؟ أم تشابه الخيار والبطيخ عليهم؟! أليست فكرة “أبو العبد” بالمقاربة بين الخيار والبطيخ جديرة بالاهتمام، وتستحق دراسة مستقلة بعنوان: الخيارة المتغيرة ومعرشات البطيخ المنتهية بالتهليك (أبو العبد نموذجا).
  6. أيهما أشد ضررا على ديننا دخول الربا في جيوبنا، أم إخراجه من جيوبنا ثم إدخاله في عقولنا هاديا ومؤشرا في معاملاتنا، واستخدامه ثقافيا ومحاسبيا في اقتصادنا الإسلامي.
  7. ألم يحذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين من تسمية الأعراب العشاء بالعتمة، لأن اسمها في القرآن العشاء، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: بن عمر، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء، وهم يعتمون بالإبل»، أيهما أشد ضررا على المسلمين، أن تسمَّى العشاء بالعتمة، أم إدخال سعر الفائدة مؤشرا في الحسابات ضمن الاقتصاد الإسلامي.
  8. ألم ينه الله تعالى في أول خطاب للمؤمنين في القرآن الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة: 104] مع أن كلمة “راعنا” هي بمعنى انتبه إلينا وانظرنا، وهي صحيحة من حيث الاستعمال والقصد من الصحابة، ثم نهاهم الله تعالى عنها حتى لا تلتبس بكلمة يهود، وقصدهم السيء من الكلمة في شتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم، أم أن فقه المآلات والمقاصد لا يكون حاضرا عند بعضهم إلا من أجل القفز عن نصوص الشريعة التفصيلية والجزئية، وخَلْخلة ثوابت الشريعة بحجة الواقع؟
  9. إذا كان الاقتصاد الإسلامي قائما على الربح الحقيقي من استثمار حقيقي منتج، ونابعا من عوامل سوقية حقيقية، وسلّمنا أن الربا لا يرتبط بالناتج الاقتصادي الحقيقي، بل هو نقد بنقد وزيادة نقد حسب العقد، فلماذا أصبح سعر الفائدة الربوية مؤشرا على العمل الاستثماري الإسلامي الحقيقي المنتج؟
  10. .ألم يكن سعر الفائدة الربوية سببا في تفاقم الأزمة المالية العالمية، سنة 2008م، حيث قام مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للحد من التضخم برفع نسبة الفائدة ثلاث عشرة مرة خلال سنة ونصف، مما أدى إلى عجز المشترين للعقارات، عن السداد بسبب ارتفاع قيمة الدين، فهل ينطبق على ربط الأجرة المتغيرة بسعر الفائدة المثل الساخر: بعدما ثبت فشل التجربة قرروا تعميمها، مع ملاحظة أن الفيدرالي الأمريكي بدأ برفع سعر الفائدة في الفترة القريبة الماضية، وللاطلاع على عدم انضباط سعر الفائدة الربوية، وأنه يمكن أن يتكرر ويزداد في فترة وجيزة نسبيا: انظر الجزيرة نت، الأربعاء: الموافق: 14/12/2005 م.                                                                                       الطريق إلى السنة إجباري 

د. وليد مصطفى شاويش

https://telegram.me/walidshawish

صبيحة الجمعة المباركة

عَمّان المحروسة

                                                           1-1-2016

1 thought on “الأجرة المتغيرة في الإجارة المنتهية بالتمليك…الاقتصاد الإسلامي … وتساؤلات في الثقافة!

  1. يناير 22, 2016 - سمير القواسمي

    اخي د.وليد
    لا زلنا نسمي الأشياء بغير مسمياتهاولا زلنا نعتقد اننا نعيش في بلاد الاسلام.
    وننتظر النصرة من رب العباد سبحانة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top