من حَمَل السنة في زمانه حملته السنة في زمان غيره

1-رفع الأئمة الأربعة كغيرهم من السلف الصالح لواء السنة اقتداء بسندهم المتصل بالدراية إلى الصحابة -رضي الله عنهم، وتحملوا في سبيل ذلك نفاق الباطنية، وانحرافات العقل عند المعتزلة الذين ردوا النصوص الشرعية بعقولهم الخاصة، كما تحمل أئمتنا غَلواء الخوارج، ووطأتهم الشديدة على الأمة، ومع كل هذه التحديات حرَص أئمة السنة وعلى رأسهم الأئمة الأربعة المتبوعون، على رفع لواء السنة في زمانهم رغم قسوة الظروف وصعوبة التحديات.

2-والله تعالى لم يضيع أئمة السنة وأهلها رغم الظروف، فالذين رفعوا لواء السنة قولا وعملا ونظرا في زمانهم، رفع الله لواءهم في الزمان كله، وأصبحوا عند الأمة أئمة متبوعين حتى اليوم، لأنهم لم يكونوا يوما تبعا للواقع، بل كانوا تبعا للشارع، فأصبحت مدارسهم العلمية سارية عبر الزمان لأنها حملت الكتاب والسنة، فبقيت في الدنيا بقاء الكتاب والسنة.

3-ولعلك تلاحظ اندثار كثير من المقولات الدينية في القرن الماضي، كاشتراكية الإسلام، والتأويلات الدينية التي أخضعت الكتاب والسنة للتفسير المادي، واعلم أن العديد من المقولات الدينية واللادينية هي أسيرة الواقع في هذه الأيام، وسيندثر أصحابها كما اندثر الذين من قبلهم، فلا يغرنك تقلب المُضِلِّين في البلاد، فالباطل متعدد ولا يكاد ينتهي ولكن الحق واحد، فاستمسك بأعلام السلف ومدارسهم العلمية المجمَع عليها في الجملة.

 4-وكما قال ابن السِّيْد البَطَلْيَــوْسي(أندلسي، ت:521): (وإن اختلاف الناس في الحق لا يوجب اختلاف الحق في نفسه)، فالحق ثابت في نفسه لا يتغير، ولكن يتجدد على مواجهته مقولات باطلة كثيرة لا تكاد تنتهي، فتزول تلك المقولات ويبقى الحق واحدا، ولكن يأتي باطل جديد، فمدارس فقه السلف، ما زالت طودا شامخا لا تذروه الرياح، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، فالحذر الحذر من التدين صناعة الواقع لا صناعة الأدلة، والغلو والتحلل كلاهما مستعبَد للواقع مهما تمسَّح كل منهما بأدلة الشريعة، والمنهج الأصولي هو الحكم العدل على كليهما.

مقالة ذات علاقة: هل اعتبر تحريم التصوير من العهد البائد… التدين بين صناعة الواقع وصناعة الأدلة الشرعية.

@قريبا -إن شاء الله تعالى- الحديث في مراسم الإجماع وهُوية الأمة (أهل السنة والجماعة).

د. وليد مصطفى شاويش

عَمّان الأَمان

22-9-2016

https://telegram.me/walidshawish

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top