مسائل متشابهة لا علاقة لها بالحكم الشرعي ليوم الأم

سئلت كثيرا عن حكم هذا اليوم، فكررت عدم رغبتي بالإجابة، حتى لا يعطى هذا اليوم أولوية على واجبات الشرع الأخرى، ولكن كثرة الإلحاح حتمت علي أن أكتب هذه السطور القليلة في هذا اليوم، وكتبتها نِقاطا على النحو الآتي:

1- يقال: هناك من يعُق أمه طوال العام ثم يبرها في هذا اليوم، ويجاب عليه  إن بِرها في يوم معين هو طاعة، لا يجوز أن تمنع بسبب معاصيه طوال العام، ولكن ينهى عن المعصية، ولا ينهى عن الطاعة.

2-الكفار يتفقدون أمهاتهم في هذا اليوم، ويبرون أمهاتهم في هذا اليوم، ونحن عندنا البر طوال العام، يجاب عليه: لا يعني أن موافقة المسلم للكفار في بر الأم هذا اليوم  أنه يحرم، لأن المرجع في الطاعة للشرع، فإذا وافق المسلم الشرع في بر أمه بهذا اليوم أو غيره، فلا يضره وافق الكافر أم خالفه؛ لأن العبرة بالشرع، ولا يحرم الحلال من أجل الحرام.

3-إذا وافق الكافر الشرع في بر أمه في هذا اليوم، فإنه قد أتى بما أوجب الله عليه من بر الأم، ولا أجر له لأن الإسلام شرط لقبول العمل، ولأن الكفار مخاطبون ببر الوالدين وبجميع فروع الشريعة، فإذا وافقنا الشرع، فلا ينفعنا موافق الكافر ولا تضرنا مخالفته.

4-بناء على أن بر الأم في كل يوم، ويوم الأم منها بناء على أن أفراد الأمر المطلق وهو بر الوالدين في كل الأزمنة، والامكنة والأحوال والأفراد، فإن هذا اليوم يعتبر منها، والطاعة فيه موافقة للشرع.

5-إن قصد المكلف تقليد المشركين، فالتحريم في قصده لا في فعله، وقصده حرام مستقل، ولا علاقة له بحرمة الفعل، كمن يصلي بقصد الرياء، فالصلاة تبقى مشروعة، ونية الرياء ممنوعة، ولا يمنع المشروع لأجل الممنوع.

6-استغلال التجار لهذا اليوم بترويج سلعهم، فهذا كفعل التجار في أعياد المسلمين الشرعية، والتحريم يتعلق بالعقد، إن كان مخالفا للشرع، واستفادة التجار الموسمية من هذه المواسم مرجعها إلى العقد كما أكدت سابقا، وإن حصل تبذير، أو تكلف الناس ما يطيقون اقتصاديا، فهذا حكمه حكم التبذير أو السفه المالي بصرف النظر عن تاريخ اليوم، وكونه يوم الأم أم لا.

7-إن القول بأنه لم يكن هذا اليوم من فعل السلف، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، يجاب عليه بإن أفراد المطلق عامة في الزمان والمكان والأفراد، ولا يجوز تقييدها بالتاريخ الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل، فكل صور البر المستجدة هي داخلة تحت النص الشرعي المطلق ببر الآباء بجميع الصور، ولا يجوز قصر صور البر على زمان أو مكان أو حال أو فرد، ويجب أن يبقى المطلق عابرا للزمان والمكان والحال والأفراد، دون التقيد بصورة خاصة، أو بحقبة من الزمن.

8-من نوى البر فله ما نوى، ومن نوى الدنيا فهجرته إلى ما هاجر إليه، فمن نوى الخصوصية في هذا اليوم وزيادة التعبد، فقد زاد على الدين ما ليس منه، وهذه هي البدعة المذمومة شرعا، ومن نوى البر مطلقا فله ما نوى.

9-إن القول بأنه التزم البر في هذا اليوم، وقدم هدية لأمه في هذا اليوم، فهذا يعني أنه خصص البر بهذا اليوم، فغير صحيح؛ لأن الفعل مُجْمَل لا يكفي بنفسه للدلالة على الاعتقاد، ولأن الفعل مجمل فإن القصد لا يعلم إلا بالاستفسار، ولم أعلم أن أحدا زعم أن بر الأم في هذا اليوم له فضيلة شرعية على غيره من الأيام، ومن ثَم فإن حمْل الفعل المجمل على التخصيص بالطاعة بيوم مع تصريح الناس بخلافه، هو تجاوز لقواعد الأصول في أن الفعل مجمَل، كيف وقد فسره صاحبه بأنه لا يخصص بهذا اليوم! والأصل أن تحمل أفعال العباد على السلامة، والتهمة حيث كانت لها أمارة تدل عليها، وكل أعلم بنفسه ونيته.

10-تسمية هذا اليوم بالعيد، خلاف الأولى ولا تحرُم، لأن العيد شرعا: الاحتفال على وجه التعبد، وقد خلا هذا اليوم من قصد التعبد فيما أعلمه من أحوال الناس ومقاصدهم في التصرفات، مما يعني أن كلمة عيد أصبحت مشتركا لفظيا بين العرف والشرع، لذلك يفضل تركها، وتحريمها أعني كلمة “عيد” أخشى منه ولا أجرؤ عليه، إلا إذا صارت ملتبسة بين التعبد والعرف عند الناس، فعندئذ يجب حماية الحقيقة الشرعية من اللَّبس، وعندئذ تحرم كلمة عيد في غير العيدين المتعبد بهما شرعا.

الطريق إلى السنة إجباري

وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه

د. وليد مصطفى شاويش

عمان المحروسة

20-3-2017

2 thoughts on “مسائل متشابهة لا علاقة لها بالحكم الشرعي ليوم الأم

  1. مارس 20, 2017 - أنوار صبابحه

    بارك الله فيك دكتورنا الفاضل كلام علمي جميل …. لا نفد مداد قلمك دكتوري

  2. يناير 11, 2018 - انوار صبابحه

    بُوركت دكتورنا الفاضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top