لماذا يخسر أهل السنة الأرض من تحت أقدامهم؟ نعم حلب تحترق … ولكن لِنَتعلَّم

تمهيد:

ما يحدث في حلب ليس خلافات سياسية ولا اقتصادية، بل هو نتاج فكري لاديني عقدي، فشل في رد المسلمين عند دينهم بالحيل الفكرية المزيفة، وإن القتل البشع الذي يقوم به الشيعة بتأييد من كبار رجال الدين، هو عقيدة مكتوبة وموثقة، حرص الفكر القومي اللاديني على إخفائها عن المسلمين بحجة الوحدة القومية والوطنية، وكان الفكر اللاديني القومي العربي يستاء من ظهور أي رجل دين شيعي يبرز حقيقة العقائد الشيعية في الانتقام من أحفاد أبطال القادسية، وكان يقول: هذا لا يمثل عقيدة تلك الطوائف، ويتهم مَن يحذر من عقائد الشيعة، بأنه عدو للوطن والوحدة في مواجهة دولة إسرائيل، وذلك في تواطؤ مبيَّت على دين الإسلام وأهله.

أولا:بعض أهل السنة أضلهم السامري:

ليست المشكلة في القوميين اللادينيين والطوائف الباطنية، بل المشكلة في أهل السنة أنفسهم، الذين أضلهم السامري، ومرر مشروع الانتقام تحت دعاية جيش القدس، الذي تبين فيما بعد أنه جيش أورشليم! بالرغم من تحذير خبراء أمن وسياسة من مشروع السامري في ذلك الوقت، يعني ذلك أن أهل الدنيا يعرفون دنياهم، ولكن المشكلة في أهل السنة المتفرقين في دينهم، ويأخذ كل منهم بطرف من الدين، ويظهر الشيخ الجليل مغاليا في التبديع والتفسيق والتضليل والتكفير، ظنا صادقا منه أنه ينصر الشرع والإسلام، ويعتبر الشيخ الجليل اجتماعه مع أخيه لوحدة الأمة، بيعا لدينه مقابل حطام من الدنيا، فيضحي بوحدة المسلمين حتى لا يبيع دينه!

ثانيا: الغزو الخارجي والنفاق الباطني يعيشان على تفرق أهل السنة والجماعة:

ثم بعد ذلك يقتحم الغزو الخارجي ديارنا بالتواطؤ مع الطوائف الباطنية، رصيده في ذلك فُرقة المسلمين في الدين، ثم يستحِل أرضهم متبركًا بخلافاتهم الدينية، ثم يتبين الشيخ الجليل أنه لم يضحِّ بحطام من الدنيا لأجل دينه، بل ضحى بنفسه، وبدينه، وبأمته، وبآخرته، ولم يبق له شيء من دينه ولا دنياه، إلا أن يوقّع على الاستسلام على أشلاء أطفال المسلمين وشيوخهم، وسبب ذلك هو اعتقاده أن التفرُّق في الدين   ثبات على المبدأ، وعقيدتنا هي أننا أهلُ السنة والجماعة، فإن لم تتحقق الجماعة فينا، فذلك دليل على نقص في ديننا، علينا أن نبحث عنه، ثم نصلحه.

ثالثا: حلب تحترق بسبب تفرقكم في دينكم:

ما زلت أتابع فضاء التواصل الاجتماعي، وبحُكم أنني حريص على علاقة جيدة مع كل من اتخذ السنة طريقا إلى الله تعالى، التي أعتقد أنها هي الشق الثاني من الشهادتين، ولا يصح الشق الأول إلا بها، فماذا أتابع وماذا أرى؟ أتابع مواد إعلامية، كلها الخصام والتشهير والتحريض ضد هذه الفئة من أهل السنة أو تلك، ويصعُب حمل ذلك على أنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر كما يعتقد ناشروها، لأنها لا تدخل في باب التغيير للمنكر الذي أمر الشرع به، لأننا مأمورون بسلوك سبل التغيير للمنكر، لا التحريض على من يفعلون المنكر على فرض ثبوت أنه منكر شرعا، وبعد كل هذا تجد فينا  مَن يفرق بين أهل السنة حِسْبة لوجه الله تعالى، ثم يتفق الجميع على وضع صورة على صفحاتهم بأن حلب تحترق! وما سبب احتراقها إلى فرقتهم في الدين، وليس احتراقها إلا رسالة للذين فرقوا دينهم شيعا كل حزب بما لديهم فرحون، فالفرقة علامة البدعة، والجماعة علامة السنة.

رابعا: ليس الطريق هنالكِ:

أقول لهؤلاء المحرضين الذين يشيعون الفرقة داخل البيت السني، بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما قال حسان بن ثابت لأبي سفيان لما سلك طريقا جهة العراق ذاهبا إلى الشام:

إذَا سَلَكت لِلْغَوْرِ مِنْ بَطْنِ عَالِجٍ … فَقُولَا لَهَا لَيْسَ الطّرِيقُ هُنَالِكِ

وأقول لِمَن لبَّس عليهم الشيطان الحق بالباطل، والوحدة بالفرقة، والأمر بالمعروف بالنهي عن المنكر بالتحريض على المسلمين داخل البيت السُّني، أقول لهم: “ليس الطريقُ هنالِكِ”، وإن وحدة الأمة على أساس إجماعات أهل السنة والجماعة هي قطعيّ شرعي، غير قابل للنقاش والمجازفة فيه، وذلك للوقوف في وجه مخططات التفتيت والتقطيع لأوصال المجتمعات السنية، على أسس عرقية، أو قومية أو مذهبية، بدعم داخلي من الطوائف الباطنية، وبمحاولة الاستفادة من الصراعات الداخلية بين الجماعات والأحزاب السنية، بالإضافة للاستثمار السياسي الحرام، في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها أمتنا.

خامسا: اتحاد أهل الباطل يغلِب تفرُّق أهل الحق:

بينت أن بناء الأمة يكون على وفق الإجماعات العقدية والأصولية والفقهية عند أهل السنة والجماعة، وهي قضايا ثابتة غير خاضعة للمصلحة الخاصة، وغير قابلة للتفاوض بين اثنين؛ لأنها قطعيات شرعية تمثل قواعد راسخة، وعدم التمسك بها يؤدي إلى التنازع والفشل، وذهاب ريح المسلمين، ويستولي عليهم الغزاة من الخارج والمنافقون من الداخل، وهذه الثوابت كفيلة بجمع الشمل على أساس من رضا الله تعالى، بخلاف الوحدة على أساس الأهداف الدنيوية الزائلة، كركاب الحافلات، يتخلى كل واحد منهم عن الجماعة عند بلوغه هدفه الخاص.

الطريق إلى السنة إجباري

د. وليد مصطفى شاويش

https://telegram.me/walidshawish

13-12-2016

عمان المحروسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top