قوات التدخل السريع في حماية الأسرة والطفل …أعيدوها على قواعد إبراهيم

أولا: لا يوجد عند الطفل هاتف للاتصال بالشرطة:

1-استيراد التاريخ والاجتماع:

تتسابق بعض الدول لاستحداث شرطة خاصة بحماية الأسرة، وهي نتاج تفسخ العلاقات الاجتماعية في مجال الأسرة، حيث تصبح الشرطة هي الملاذ الوحيد للمعتدى عليه في محيط الأسرة، ولكن لا بد من بيان اختلاف الطبيعة الاجتماعية التي بناها الإسلام في حياة المسلمين، وأنه لا بد للمسلمين أن يشتقوا حلولا لمشكلاتهم الاجتماعية، من عقيدتهم ودينهم، وما يناسب بيئتهم، ونبذ التقليد الفج لما يأتيهم من حلول مستوردة، فعندنا نحن المسلمين الكثير من الخير لنقدمه للناس، لا أن نصبح عالة تستورد التاريخ والاجتماع.

2-الظرف عندنا مختلف:

في الأيام الخالية لم يكن الطفل يحتاج إلى هاتف ليتصل بالشرطة ليشكو لهم ما يمكن أن يحصل له من عقاب عادل أو ظالم على يد والديه، ذلك لأن الطفل كان محاطا دائما بقوات التدخل السريع: جَدان وجدتان، ولا يكاد البيت يخلو من من أحد هذه القوات، التي يعتبر وجودها ظرفا  مناسبا لزيادة في شغب الأطفال على المعدل السنوي العام، نظرا لوجود حماية أدبية من قوات التدخل السريع للأطفال، قادرة على التدخل فورا، ودون هواتف ولوَّاحات تبرق في الشوارع.

ثانيا: قوات التدخل السريع تعيش مع الطفل في البيت:

1-في حماية الجدة:

لم يكن عليك أيها الطفل، إلا أن ترتكب ما تشاء من المحظورات، وتنتهك التعليمات في المنزل كما يحلو لك، وفي حال وجود تهديد قادم من الوالد أو الوالدة، فإن سرعتك ستفوق سرعة الوالدة القادمة من المطبخ، والملطخة أيديها من آثار الغسيل، ثم تقفز وراء جدتك، وتعتقد عندها أنك بحضرة قاض معروف بأنه متواطيء معك دائما، سواء كنت ظالما أم مظلوما، رغم أنه يعرف جيدا أنك من أصحاب السوابق، و بالرغم من البنية الجسمية الضعيفة للجدة، إلا أن لها سطوة أدبية، تؤهلها أن تشد الكبير من أذنيه دون أدنى اعتراض.

2-في حماية الجد:

أما الجد فهو الذي يصحبك إلى إحدى العزائم المكللة باللحم والدهون والأرز، وهي غير محببة للأطفال بخلاف الكبار، حيث تشاهد على تلك الموائد ألعاب كرة اليد وقذف اللحم في أهداف الغير، والتقطيع لإكرام بطون الجوار، كما لا تنسى لعبة السلة، حيث ترى أحدهم وهو يدوِّر اللية ثم يقذفها في سلة فمه بدقة متناهية، أما جدك فيقعدك إلى جواره، ويمارس عمليات تزريق كتزريق الطير الحَبّ لفراخها، بينما يقوم جمهور كرة السلة وكرة اليد بتشجيعك وإياك ورفض التزريق، فهذا من خوارم المروءة، وعلامة من علامات الجبن والخوف التي لا تليق بالرجال من القطع الصغير.

ثالثا: على الأطفال أن لا يخافوا من التهديد بالإشارة:

 أما عمليات التهديد لك بالإشارة وجحوظ العينين من الزاوية التي لا يكتشفها راصد (رادار) الجدة، فهذه أيضا لا تخيفك ولا عليك منها، لأن الجدة قبل المغادرة ستأخذ عند باب الدار مواثيق مغلظة وعهود قاطعة من أمك على عدم التعرض، مما يعني أن كل إشارات الراصد (الرادار) أصبحت بلا جدوى، هذا كله مع احتفاظك أيضا بحق الشكوى عند زيارتك الجدين برفقة الوالدين العزيزين، حيث تظهر الجدة على شكل ملِكة متوَّجة يتسابق لتقبيل يدها لِحى كثيفة، وشوارب غليظة سائلين الرضا، بينما أنت تتمتع بمِشية الخيلاء، بسبب تلك الواسطة التي لا تتخلى عنك ظالما أو مظلوما، ولا تعنيها العدالة، ولكن تعنيها الرحمة فقط، فهي رحِم خلقت من الرحمة.

رابعا:عندما تتحول الأسرة إلى وحدة اقتصادية:

1-تضييع الأجداد والجدات:

ولكن خلفَ من بعد الأجداد خلْف أضاعوا الأجداد والجدات، ولم يحظ الولد بحقه في أجداده، بل تربى في الحضانة، حيث تتم علميات التسليم صباحا أثناء ذهاب الوالدين للعمل، ويسلم برفقة الصبي طعامه وغياره، ثم يلقى إلى جانب رضيع آخر، لتبدأ عمليات الصياح جماعة، ثم تأتي ساعة انتهاء الدوام وإعادة الكائنات في الحضانة إلى المصدر، مع ابتسامة رأسمالية مدفوعة مقدما، وألوان الحنان المزيف المسرطن للعلاقات الاجتماعية.

2-البديل الهزيل:

 وقد تظهر حقيقة تلك الابتسامة والحنان عند تأخر الوالدين في دفع أقساط الحضانة، فتظهر الابتسامة الرأسمالية على شكل أنياب قاطعة كانت هي المشهد الحقيقي الذي يأوي إليه الأطفال، ولا يخدعنك أيها الطفل وجود كرسي آمن معلق على المقعد الخلفي في سيارة الوالدين المرهونة، إذا سُلب منك مقعدك إلى جانب جدك، فإن هذا يوحي بحضارة مصطنعة سلبت منك كثيرا وأعطتك قليلا، بينما السيارة الفارهة هي مرهونة للبنك، ووالداك مرهونان للأقساط، نتيجة للاستهلاك المظهري المزيف، تحت تأثير القيم الاقتصادية الرأسمالية على حساب قيمنا الإسلامية.

خامسا: عاقبة التفريط بالأجداد يعني تسوية مشكلات الأسرة في مراكز الشرطة:

1-التفريط بقوله تعالى: (عندك):

كان هذا يحدث عندما كان فينا قوله تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) سورة الإسراء(23)، وتنص الآية على أنهما يبلغان عندك الكبر، والظرف عندك في تقديم على الكبر للأهمية، وهو أن يبلغا عندك في بيتك، وهذه نشأة طبيعية لأولادك لأنك مشغول في عملك والزوجة مشغولة في شأن المنزل، أما الجدان فهما رفيقان كبيران دائما لرعاية لأولادك، ولهما دور إصلاحي كبير في رعايتهم، وأنت الرابح الأكبر من ذلك الدور.

2-الأجداد أعرف بأبنائهم وبناتهم:

 إن الأجداد أعرف بما يدور بين الزوجين من جفاء أو صفاء، ويتدخلان بما لهما من مكانة عند أبنائهم في الإصلاح، وهما أعرف بالحال والمآل، فكانت تتم تسوية المشكلات في مهدها، وهذا كله ببركات الأجداد والجدات، ولكن بعد خلو البيوت من بركتهم، تفاقمت المشكلات، حتى وصلت إلى مكاتب الشرطة، ووجدت طائفة اللادينيين مدخلا لفرض شراستهم الرأسمالية بين الزوجين المسلمين، ولتحطيم الميثاق الغليظ الذي جعله الله بينهما، فكان التفريط بقوله تعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ) ثغرة دخل منها المتحللون من الدين والأخلاق لهدم الأسرة المسلمة بزخرف من القول وغرورا، ولكنني أقول: أعيدوها على قواعد إبراهيم عليه السلام.

الطريق إلى السنة إجباري

عبد ربه وأسير ذنبه

د. وليد مصطفى شاويش

https://telegram.me/walidshawish

عمان المحروسة

30-12-2016

 

1 thought on “قوات التدخل السريع في حماية الأسرة والطفل …أعيدوها على قواعد إبراهيم

  1. أبريل 14, 2018 - غير معروف

    والله رائع يا دكتور وليد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top