1-في الخلافة الراشدة جمع الخليفة بين الولاية السياسية وصلاحية الاجتهاد المطلق، وكان مستشيرا في كليهما لكبار أهل الاختصاص في الفقه والسياسة والحرب.
2-بعد الخلافة الراشدة تحولت الإمامة إلى الملك العَضود، وقام المجتهدون بدور البيان العلمي المستقل، دون تشكيل سلطة سياسية موازية لسلطة الـمُلك العضود، مما قلل من هُوَّة الفرقة والشقاق الذي كانت تعيشه أوروبا بسبب نزاع سلطة القيصر وسلطة رجال الدين.
3-بالرغم من عدم تأسيس الفقهاء سلطةً سياسية موازية للمُلك العَضود حرَص المجتهدون على البيان العلمي الأصولي الـمُـقَـعَّد، الذي يُفَصِّل للمسلمين حكاما ومحكومين البيان الشرعي العلمي دون التفات المجتهدين إلى موافقة أو معارضة مع الحكام، بالرغم من تحمُّل المجتهدين الأذى من الحكام، إلا أئمة العلم ظلوا مبينين ناصحين لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولم يشقوا عصا الطاعة، ولم يفرِّقُوا الجماعة،بل كان العلماء إلى جانب الأمراء في الجهاد والفتوح ورد العدوان.
4-إن قدرة الفقهاء على نزع فتيل تنازع سلطتين على النحو المعروف بين رجال الدين والقيصر، حَـمـَى الأمة من تغوُّل السلطة على البيان العلمي، لأن البيان العلمي خط علمي موازي لا سُلْطوي سياسي، وتحمَّل الأئمة الأذى في سبيل هذا الاستقلال العلمي في البيان.
5- وهذا الموقف من الأئمة المستقل بالبيان العلمي الأصولي الفقهي عَصِي على التصنيف اليوم ضمن فلسفة الولاء والمعارضة ضمن الدولة في الفكر اللاديني، الذي يهيمن عالميا، على شكل المجتمع والسلطة والدولة.
6- علينا أن نلاحظ أن اللادينيين يسعون إلى تطبيق التاريخ الأوروبي في الصراع على التاريخ الإسلامي لاتهام العلوم الإسلامية كعلوم الحديث وعلم الأصول بأنها كُتبت تحت سيف السلطان، لأن هذا الصراع ينتج سلطتين متنازعتين، سيبرر فيما بعد لفصل الدين عن المجتمع، ويجعل اوروبا القدوة في هذا الفصل، يحدث ذلك بسبب عدم فهم خصوصية التاريخ الإسلامي والمنهج العلمي في أصول الفقه وعلم الحديث الشريف، القائمة على سلطة سياسية واحدة، وبيان علمي مستقل.
7-يجب الالتفات إلى أن الواقع وصراعاته ضمن الأحزاب والجماعات والولاء والمعارضة لا يجوز أن يكون أداة لفهم النص، ويجب الحذر من الخلفيات المشوشة العاجزة عن عكس صورة واضحة لمعنى النص الشرعي، ويجب التزام منهج السلف الصالح في تنحية الجماعة والحزب والولاء والمعارضة عن التدخل في صياغة الحكم الفقهي، وإبراز فارق كلي بين الفقه الإسلامي والفكر اللاديني.
8-إن التدين القائم على أساس تناقضات الواقع بين الولاء والمعارضة والحزب والجماعة سوف ينتج تدينا من صناعة الواقع، وإذا تغير الواقع بولائه ومعارضته ونكوص الجماعات والأحزاب عن طروحها الفكرية السابقة، فإن التدين سعيش حالة انقلاب، وما كان حراما يصبح حلالا، ونكتشف حينئذ أننا كنا أمام حالة توظيف النص الشرعي خدمات عامة للولاء والمعارضة والحزب والجماعة، وأدى إلى حالة علماء بلا سلطان، وسلطان بلا علماء، وفكك المجتمع الإسلامي.
9-التراجعات واختفاء المقولات الدينية وحلول مقولات بديلة مناقضة خير شاهد على زيف التدين السابق الذي كان صناعة الواقع، وما الواقع الذي نعيشه منا ببعيد .
10-لن يكُفَّ صناع التدين المؤقت عن التستر والتبرير والتوظيف للنصوص الشرعية بقولهم في تبرير انقلاب التدين المؤقت: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان، تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي، دون تمييز بين ما هو فقه وما هو حال.
***تناقضات المتدينين واضطراباتهم سبب من أسباب الإلحاد.
الطريق إلى السنة إجباري
الكسر في الأصول لا ينجبر
عبد ربه وأسير ذنبه
أ.د وليد مصطفى شاويش
عَمان المحروسة
30- محرم-1442
18- 9 -2020
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير
ونفع بك البلاد والعباد
بورك فيكم مولانا
جزاكم الله خير الجزاء ❤️