حَدَث المدينة المنورة …وفتّش عن عقائد المُرْجِفين في المدينة

ما ألبث أن أجمع الأوراق لأعلم أين وصلت بأبحاثي، حتى أسمع بخبر أو حدث، يجعلني أكفُّ عن تلك البحوث والقراءات التي ضمن برنامجي الأساسي اليومي، ولكن حدثا كحدث المدينة في ليلة أمس، يجعلك تشبك بعَشر أصابعك على رأسك، وتقول بين مصدق ومكذب! أَوَ قد حدث ذلك في مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم ؟! وما الذي سأستقبله في بحثي، إذا كان حدث المدينة من ورائي، خصوصا وأن الحدث يحمل في طياته استهتارا بالمدينة وخير ساكنيها بها، وهم: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والشيخان -رضي الله عنهما- إلى جواره في قبره الشريف.

1- شيء من الفكر:

تمثل التقية عقيدة عند الشيعة يتسترون بها على اعتقاداتهم التي يبدونها ويخفون كثيرا، فإذا انضم إلى ذلك الفكر اللاديني في فلسفة الدولة، الذي يصنع سياسة معلنة يلقي بها إلى استوديوهات الأخبار، ليضلل الناس عما سياسته المبطنة، لإرباك الواقع الذي سيعطيه غموضا كافيا لتنفيذ سياسته المبطنة، والله معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول، فتكون اجتمعت القوى كلها على إخفاء الحقيقة، وأن ما تبثه استوديوهات الأخبار لن يكون إلا مزيدا من الـحَيْرة وصناعة الشك في ذهن لمشاهد، وهذا يساعد كثيرا على تمرير السياسة المبطنة أثناء انشغال الناس بتحليل فُتات الأحداث، حيث يعيش الناس حالة انفصال عن الواقع الذي تسري فيه الحقيقة،، ولو أنهم أراحوا آذانهم قليلا من سماع الكذب لَأدركوا الحقيقة.

2-شاهد من التاريخ القريب:

أ-ليس بعيدا عنا عام 2006م، ذلك العام الذي صنع السامري في جنوب لبنان عجلا جسدا يحكي خوار المقاومة، وأضل مَن أضل من الناس، وفشت في أثناء ذلك حملات الصد عن السنة من الشام حتى الجزائر ونيجيريا، تحكي قصة النصر الإلهي المزعوم، وترويج خرافة القائم، الذي سيقتل العرب آخر الزمان، وينبش قبر الشيخين -رضي الله عنهما، ويقيم الحد على الطاهرة أم المؤمنين، ويحكم بشريعة داود، ولكن إن غابت السياسة الحقيقية المبطنة عن النخب من بعض أهل السنة الذين أضلهم السامري، فإن ذلك لم يغب عن الله تعالى الذي كان معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول، بل هذه الأمة لها ربها واسع اللطف، والله بالغ أمره.

ب-في عام 2006 تلك المسرحية، مسرحية المريض مات والعملية نجحت، بينتُ وقتها خطرها على دين المسلمين، ويعرف كل من كان يعرفني تلك الجهود في كشف حقيقة الأمر، وأن مسرحية الحرب هي تطبيق عقدي بامتياز على عقيدة التقية عند القوم، وإعطاء شرعية الانتصار للسامري لهدم وجود أهل السنة في الشام عن طريق عجل المقاومة المزعوم، وظهرت حملات عارمة لتشييع أهل السنة، بنكهة الانتصار على دولة إسرائيل، بينما كانت تتحدث استوديوهات التحليل عن قصة الانتصار الإلهي، وتضفي مزيدا من الشرعية لى مشروع التقية الحقيقي.

ج-وما هي إلا سنون قلائل حتى بدأ أهل السنة يشعرون بأن السامري قد أسقاهم عسل الانتصار مع خلطته العقدية المزيفة، عندما اقتحم السامري الشام، ونفذ أجندته العقدية في دماء أهل السنة، واقتضى اللطف الإلهي أن تتعلم الأمة، من الواقع مع كلفة عالية، تتناسب مع الغفلة التي وقعوا فيها، وساعده في ذلك الفكر اللاديني في التشويش على مرجعية أهل السنة والجماعة، وإن ما بذله المصلحون في التحذير من خطورة السامري لبيان حقيقة الأمر، جاء تلقائيا من الواقع نفسه، وفهِم المسلمون الحقيقة التي غيبتها ستوديوهات الأخبار، لكن هذه المرة كان الثمن هو الدماء واللجوء والتشرد، لقد كان الثمن غاليا والدرس قاسيا.

3-عودة إلى تفجيرات المدينة المنورة حرسها الله.

أ-حدثت عدة هجمات على مراكز أمنية في الأردن حرسها الله وجميع ديار المسلمين،لم أحللها تحليلا صحفيا، بل لجأت إلى توجيه أصابع الاتهام إلى العقيدة، عقيدة الغلو خاصة، كما وجهتها للسامري في عام 2006، وخرجت من قلب الحدث، ونظرت للحدث من فوقه أعلاه، لا من قلبه وأدناه، وقلت مرارا: فتِّش عن العقيدة، فهي المؤشر الحقيقي لفهم الواقع، وعلى أهل السنة أن لا يُلدَغوا من جحر استوديوهات التحليل مرتين، ويكونوا ضحية الغموض مرة أخرى، بينما السياسة الحقيقية المبطنة هي التي تسيرها العقائد الخرافية البالية، التي تقوم على تخريب ديار أهل السنة، ونشر خرافة القائم الذي سيصلب الشيخين -بزعمهم- ويقيم الحد على أم المؤمنين، خذل الله أعداء الشيخين وأمهات المؤمنين.

ب-إن حدث المدينة المنورة فتح باب مستودع الحروف الذي حرصت دوما على إغلاقه منذ تجربتي 2006  في التحذير من السامري، فما كان مني إلا أن لـَمْلَمْت حروفي سريعا، وأغلقت الباب وراءها، لأن إعادة تجربة 2006 ومعاناتها ما زالت محفورة في قلبي، ليس من الشقاق الذي حصل بيني وبين بعض الإخوة في تلك الآونة، بل بسبب حالة التهييج والتغييب الذي يقع ضحيته أناس أظن بهم الصلاح والانتماء لهذا الدين، لكن تهييج استوديوهات الأخبار كان أقوى في أذهان الناس من الحقيقة، وتهييج الغلاة بتبنيهم المزعوم لظلامات أهل السنة، أقوى من حروفي التي لملمتها وأرجعتها إلى مستودعها، إيمانا مني بأن الحقيقة لن تبقى خافية، بل سيأتي الواقع الذي سيعطي الدرس القاسي للمخدوعين بالغلاة، كما خدعَتْهم عشرات السنين الماضية بالجفاة، وإن حدث المدينة المنورة، لعظيم وعظيم وعظيم!، والمحفوظ من حفظ حدود الله، وراعى ذمة الله وعهده، قال تعالى: ( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الأنعام.

مقالة ذات علاقة: الأمة في مواجهة الغموض البناء والتفاؤل الحذر.

 

وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه

د. وليد مصطفى شاويش

عمان المحروسة

5-7-2016

1 thought on “حَدَث المدينة المنورة …وفتّش عن عقائد المُرْجِفين في المدينة

  1. يوليو 5, 2016 - أبو مروان

    جزاكم ربي كل خير د. وليد.
    حفظ الله الإسلام والمسلمين في كل مكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top