حكومة السِّت الـحَجَّة وتحديات الإصلاح الاقتصادي

أولا:تمهيد:

خذ مصروفك واذهب للمدرسة بأمان، المصروف محدد من قبل لجان عليا، وغير قابل للتفاوض على الزيادة، دفاتر أخيك اليوم هي دفاترك في الغد، وبنطاله اليوم هو بنطالك للغد، ولا يمكن للخزينة أن تتحمل شراء ملابس جديدة، لأجسام تنمو بشكل متسارع، والحل الأمثل هو التبادل الثقافي في الكتب والدفاتر، مع الحفاظ على الاستقلالية والخصوصية في الحقائب والبرايات والأقلام، كما يعتبر تبادل الملابس  شكلا من أشكال الاعتزاز بالتراث الوطني، والمحافظة على الفولكور الشعبي، وأي مطالبة بتغيير الأوضاع هو إعلان عصيان مدني، سيقابل بالقمع وبلا هوادة، وقلنا إن الخزينة لا تحتمل.

ثانيا: التحفيز الاقتصادي في حكومة الحجة:

اقترح رجل الأعمال ذي العشر سنين صلاح على حكومة الوالدة تحفيز الاقتصاد المحلي، بحزمة إصلاحات للحد من نقوذ دكانة الحاج أبي زهدي، فصادقت الحكومة على حزمة دعم لافتتاح دكان صغير على السطح، قام ببنائه رجل الأعمال صلاح عبارة عن طُوبتين وفوقهما باب مخلوع من إحدى النوافذ التالفة، حيث تم توفير جميع السلع النمطية الأساسية الخاصة بالغسيل لضمان حاجة التسوق وكفاءة التسويق، مع الاتفاق المسبق على شراء الحكومة بأسعار أعلى من سعر دكان أبي زهدي، رغبة منها في تنمية الاقتصاد المحلي، لمواجهة التحديات الخارجية، مع تقليص الإنفاق على الشعب، لتحقيق تراكم رأسمالي من أجل التنمية، وكان الشعب آنذاك يعيش مرحلة التقشف في فترة الدراسة الابتدائية.

ثالثا: جيل التغيير وثورة الأحزمة:

لم يعد الأمر محتملا  لدى شعب المرحلة الابتدائية الدنيا،  وقيادات المرحلة الابتدائية العليا بدأت بالتذمر، فلا يعقل لمن بلغ عشر سنين من أبناء الصف الرابع أن يلبس بنطلونا مربوطا على وسطه بحبل من المطاط، الذي أثر في جنبه، وحاول صلاح إقناع حكومة الحجة بالتغيير،  ولكن لم تنفع كل محاولات الحكومة الإقناع بالرغم من عرض المعطيات المادية والحسية التي كشف فيها صلاح عن جنبه، وأثر المطاط في جسده، وباءت المباحثات بالفشل،  فحكومة الست الحجة حكومة تقشف حسب خطاب المرحلة، فما كان من القيادي صلاح إلا أن بدأ بالتدبير للثورة التي عرفت بثورة الأحزمة البديلة، وكلنا ضد المطاط، في مواجهة ضغط حبل المطاط في البنطلون، وبدى أن الثورة أصبحت حتمية من متطلبات المرحلة، وباتت قاب قوسين أو أدنى.

رابعا: تحريض العامة على حكومة الست الحجة:

يئس رجل الأعمال صلاح من كل محاولات الإصلاح السلمي، وأعلن العصيان المدني بعدم بيع حكومة الحجة أي سلعة، وطالب بسداد الديون المستحقة فورا، ورفض جدولة الديون، وربط ذلك بمسار الثورة، وحرض وليدا وأسامة بوصفهما الشعب المظلوم، وطالبْنا  بإبدال بنطلونات  حبال المطاط بأحزمة واقية من التهاب الجلد، وذات وجاهة في المجتمع المحلي، وخضنا الثورة مع رجل الأعمال صلاح من أجل التغيير.

خامسا: مفاوضات الحكومة مع رأس المال:

شعرت حكومة الست الحجة بالخطر وأن يتطور العصيان المدني إلى ما هو أسوأ، وهو لجوء الثوار نحو بيت جدي العبد -رحمه الله- والنوم هناك، مما يعني أن هناك تدخلا خارجيا سيكون بالتأكيد لمصلحة الشعب كما هو معتاد، وستكون حكومة الحجة هي الحلقة الأضعف في مواجهة القوى الدولية ممثلة في جدي، فسارعت الحجة إلى عقد مفاوضات منفردة مع صلاح، وأنه يكفي أن يكون الحزام له بصفته ابتدائية عليا، وفيها شيء من الوجاهة للعائلة، وإظهار التغيير والثقة بملاءة العائلة المالية، أما أسامة ووليد فهم ابتدائية دنيا، وليسوا أهلا لتقدير الفرق أصلا بين الحزام والمطاط وأن خروجهم في الثورة لم يكن إلا بتحريض من رأس المال، فهم وقود الثورة فقط.

سادسا: رأس المال والتخلي عن مكتسبات الثورة:

نجح رأس المال في اتفاقات منفردة مع حكومة الست الحجة، على حساب مطالب الثورة بإبدال البنطلونات المطاط بأخرى من ذوات الحزام، واتفقوا على أن يقتصر الإعلان على أن بنطلونات صلاح ستكون من نصيب وليد مستقبلا من باب الحفاظ على التراث الشعبي، وفيه تفاؤل بمستقبل اقتصادي واعد، وأن المكتسبات ستكون إرثا للجميع ولا داعي لأن يكسب الجميع فورا.

سابعا: التخوف من رَدّة فعل الطبقة الكادحة والمكدُوحة:

ولكن  وقع التخوف من انفصال قيادات الثورة عن الثورة نفسها، وأن يكون سببا لثورة بلا رأس، تأكل الأخضر واليابس، وأن المرحلة الابتدائية الدنيا لا عقل لها حتى تقبل الحوار، والطبقات الكادحة فيها من الألم ما يكفي لتفجير الأوضاع، بالإضافة إلى التمييز الواضح بين فئات الشعب، من كادحين ورجال أعمال، ومع ذلك تم الحشد الأمني قبل الإعلان، بأنواع من السياط وحزامات الجلد الأصلي،  تهدد ظهر كل من يفكر بالعصيان.

ثامنا: إعلان اتفاق الحكومة مع رأس المال:

تمت صياغة الإعلان وإخفاء القوة العنيفة من  السياط والأحزمة  في مكان قريب  من أجل سرعة الاستخدام في قمع المعارضين من الابتدائية الدنيا، وقد تم الاتفاق على أن تتلو المعارضة الرأسمالية بيان نجاح الثورة، حسب معايير الحكومة الشمولية برئاسة الست الحجة.

تاسعا: وهذا هو نص البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم

يا شعبنا الأبي البطل، إنك اليوم في هذا اليوم الأغر، وفي هذه اللحظة التاريخية تقف أمام انتصار مؤزر صنعته أيديكم الباسلة وإرادتكم الصُّلبة، وقد تمخضت مفاوضاتنا مع الحكومة عما يأتي:

1-تقدر الحكومة التحلي بالمسؤولية التي أبدتها المعارضة في حوارها وما أبدته من مرونة من أجل المصلحة العامة.

2-تقدمت الحكومة مشكورة باستجابتها لمطالب المعارضة على  مراحل، وفي المرحلة الأولى تم ترقية صلاح إلى رتبة طالب ابتدائي دراسات عليا بحزام جلد بلاستك.

3-تأجيل ترقية المرحلة الابتدائية الدنيا إلى حزام حتى يتم تحرير القدس العزيزة على قلوب هذه الأمة، وأن المرحلة الابتدائية ستكون هي صانعة التحرير إن شاء الله، وإنها لثورة حتى النصر.

4تحقيقا للعدالة بين جميع أفراد المجتمع فإنه قد تم تحويل التراث الشعبي العريق من بنطلونات المطاط المملوكة لرجل الأعمال صلاح إلى وليد، ثم بعد ذلك إلى أسامة، وعلى الجميع أن يقدر هذا التراث العريق والحفاظ عليه من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة.

بينما كان صلاح يتلو نص البيان، كانت عيون الحكومة ترمق شعب المرحلة الابتدائية الدنيا، وتتفرس فيه أثناء تلاوة البيان إن كان غاضبا أم لا، ولكن لم تظهر هناك أي علامات توحي بالقلق، أو تَشِي بالتمرد، من قبل الطبقة الكادحة والمكدوحة.

عاشرا: رد الشعب العظيم كان مفاجئا:

نعم، كان رد الشعب مفاجئا بعد تلاوة البيان، حيث أعلن وليد وأسامة نجاح الثورة وتحقيق كل المكتسبات الوطنية، وبدأنا بالأهازيج والأغاني الوطنية، وتم تسجيل إعلان نص البيان، يوما فارقا على مستوى المرحلة، وأن التراث الشعبي الوطني الغالي هو من نصيب وليد وسيؤول في النهاية إلى أسامة البطل مهما طال الزمن، وأن تحرير القدس سيكون على أيدينا، وحسبنا بذلك فخرا، ثم خَلَدنا إلى النوم مطمئنين على مسار الثورة.

حاديَ عشر: هَـمْس الشعب للشعب:

أسامة يهمس في أذن وليد نحن فرحنا، ولكننا في الواقع لم نحصل على شيء، ولا أدري لم كل هذه السعادة بهذا التراث البالي من البالة(اللباس المستعمل)،  أصلا ، فقلت لأسامة: إن عَـزَّ أخوك فَـهُنْ، ولا تعكر علينا عرس الثورة، وأَحسِب أنك متعجل لتراث صلاح الوطني وتريد أخذه قبلي، وهذا من علامات الشقاق على المكاسب الخاصة، وعلى حساب أهداف الثورة، وعليك الالتزام بالترتيب المعتاد، صلاح، وليد أسامة، فهذا الترتيب من التراث كذلك، إن كنت تـحْسِب نفسك تراثيا، وأنك من جيل التحرير.

ثاني عشر: رصيد المعروف والخير لا يضيع:

1- ألم تذكر يا أسامة لما كنت ترتجف من البرد في المدرسة، فخلع صلاح عليك مِعْطفه، وأصبح يرتجف من البرد، بينما أنت تنعم بالدفء، هل نسيت تلك الأيام التي كان يقدمك على نفسه في طعامه؟! هل كانت لصلاح وعود انتخابية عندما قدمك على نفسه؟! هذه سجايا لم تكن تحسُب حساب ثورتنا التي جاءت على غير موعد، سلِّم لصلاح بالقيادة، ولا نريد الفرقة، ولا محيد عن تحقيق الأهداف.

2-نعم لقد كان رصيد رجل الأعمال صلاح من المعروف مقنعا لأسامة بسلامة مسار الثورة، وأنها بقيادة صلاح ستمضي إلى بر الأمان إن شاء الله، وتبا للخزينة التي لا تتسع لحاجات الشعب العظيم القائد والمعلم، يا أسامة أنا القائد، ويا أسامة أنت المعلم، هكذا تتحدث الثورة، فالثورة نحن، ونحن الثورة، أنا القائد وأنت المعلم، يعني الشعب هو القائد والمعلم.

يتبع -إن شاء الله- المزيد من أخبار الدولة العميقة.

الطريق إلى السنة إجباري

عبد ربه وأسير ذنبه

أ.د وليد مصطفى شاويش

طوكيو-اليابان

4 جمادى الآخرة 1441

30-1-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top