الغموض سيد الموقف… الدولة المدنية والغموض البناء أم الهدام… “اللي بالي بالك”

1-تستخدَم الدولة المدنية باستخدامات عدة، فقد تستخدم الدولة المدنية مقابلا للدولة الدينية القائمة على كهنوت رجال الدين، وعدم جواز أن يكون الدين مرجعا للدولة المدنية في شؤونها العامة، وأحيانا تستخدم بمعنى الحضارة ومرجعية الأمة في نظام الحكم والسلطة، وحماية حقوق الأفراد من الاعتداء، وتارة مقابل الحكم العسكري، وتارة بمعنى الحضارة والتمدن والرقي.

2-فهذه الكلمة  تنطوي على معان عدة مختلفة منها ما هو صحيح، ومنها ماليس كذلك، وهو غموض ضروري من وجهة نظر بعض المستخدمين لهذه المفردة، ويجب المحافظة على غموضها، لأنه إذا صرح اللاديني بأنه يرفض الإسلام فسيخسر المسلمين ويفقد جزءا مهما من جمهوره وناخبيه المسلمين، أما بعض الدعاة فيستخدم الدولة المدنية علانية بمرجعية إسلامية، حتى لا يؤلب على نفسه طائفة اللادينيين ونفوذهم الإعلامي، إذا لم يستعمل كلمة المدنية التي تعني بالنسبة لهم الدولة الرافضة لمرجعية الدين في الشأن العام، وإبقاء الدين قابعا في زاوية الحياة الفردية.

3- وفي هذه الحالة يصبح الغموض مطلوبا بكميات تجارية لحشد الجماهير “الغفورة” عند صندوق الانتخاب، وتصبح الانتخابات بالنيات، ولكل امريء ما انتخب، فمن كان انتخابه في “اللي بالي بالك” فهو “في اللي بالي بالك”، ومن كان انتخابه في غير “اللي بالي بالك” فهو في غير “اللي بالك بالي”، وقد أدى ذلك إلى تشوه الثقافة والهوية بسب الحرص على عدم الوضوح، وانتشار السوفسطائية “اللي بالي بالك”  والاضطراب والفوضى الفكرية، بسبب الغموض في المفردات “اللي بالي بالك” مع سبق الإصرار والترصد، وهو سبب في بغي الناس على بعضهم بعضا، لعدم وضوح الحق، بسبب “اللي بالي بالك”.

4-وهذا الاستخدام غير الواضح والمتعدد لكلمة واحدة في ما يجوز ولا يجوز، لا يتناسب مع الإسلام القائم على البيان الواضح، وضرورة أن تكون المفاهيم واضحة وجلية منعا لاضطراب المعرفة المؤدي لاضطراب المجتمع، حيث عرَّف الله تعالى الخلق بذاته العلية في القرآن الكريم بصفاته وأفعاله أتم تعريف وبيان، وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم، الإسلام وأركانه، والإيمان وأركانه، والإحسان، واهتم الأصوليون والفقهاء بضبط المفاهيم وقواعد التعريف لتبقى الحقوق والمفاهيم واضحة وبينة، حتى يحفظ استقرار المجتمع والعمران، من الصراع بسبب عدم وضوح الحقوق والمفاهيم.

( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) سورة الأنفال.

نعمل من أجل ثقافة أنظف

walidshawish.com

11-6-2016

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top