ارحموا الشيخ الجليل في الأرض يرحمْكم من في السماء… لماذا لا يتذكرون العالم الرباني إلا لقطع رأسه؟! مجرد أسئلة فقط

*كلما اشتدت الأزمة، ووقع المسلمون في الشدائد، تذكروا العالم المسلم الرباني من أجل أن يدافع عن حقوقهم أمام الحاكم الظالم، وأن العالِم لا بد أن يقول كلمة الحق، ولا يخشى في الله لومة لائم، ثم بعد ذلك تكون النهاية الحزينة وهي أن يقطع الحاكم رأس العالِم في مشهد حزين، وعندها يثبت بالقطع واليقين لدى الشعب أن هذا العالم هو العالم الرباني واجب الاتباع، ولكن ولاتَ حينَ مَنْدم، فقد فات الاتباع بموت العالم، وعليهم أن يبحثوا عن عالم رباني آخر لا تتأكد ربانيته إلا بقطع رأسه، وهكذا دواليك، ولكن هناك أسئلة مُلِحّة في هذه الحالة.

1-كم بذلت الأمة لإعداد العالم الرباني الذي لا يخشى في الله لومة لائم، وهل قدمت الأمة خِيرة أبنائها للعلم الشرعي، وعندئذ يصبح من حقها أن تضحي بالشيخ الجليل، أم أن التضحية بالشيخ الجليل تأتي في سياق تضحية مجانية غير مدفوعة الثمن من الشعب، وأدى ذلك إلى زهدهم في العالم؟

2-لا أدري لِم هذا الاستعجال على نهاية العالم، ألم يكن أجدى للناس أن يتعلموا دينهم أولا قبل أن يضحوا بالشيخ الجليل؟ حتى إذا بلغ الشيخ من العمر عِـتِـيّا ، وتعلموا منه أمور دينهم، يكونون قد أثبتوا صدق رغبتهم في الدين، ثم بعد ذلك يطمئن الشيخ أن وراءه أناسا قد عرفوا الحق وصاروا من أهله، سهُل عليه أن يلحق بالشهداء، ولكن لماذا  يتم تحضير صدق الشيخ عند قطع رأسه فقط، ألا يوجد أدلة أخف وطأة على الشيخ من قطع رأسه، ليثبت صدقه ويسمعَ له الناس ويعطوه من أوقاتهم، كما يعطونها لمشاهدة الرياضة، ومسلسلات العبث، وأفلام الإلهاء؟

3-هل كان هؤلاء الناس حريصين على آخرتهم بهذه التضحية السريعة بالعالم؟ وهل كانت المطالبة بتلك النهاية السريعة للعالم من أجل قضايا شرعية لحماية الدين، أم هي خاصة بمطالبات دنيوية، يراد للشيخ أن يكون كبش فداء لها؟

 4-وعلى فرض أن هذه الجماهير حريصة على دينها، هل وفَّرت العالِـم البديل الذي ينصحها في أمر دنياها وآخرتها؟ أم أنها ضحَّت به بسبب حالة مَرَضية لديها، وهي عدم الشعور بمرض الجهل في مسائل الشرع ومخاطره على دنياها وآخرتها؟

5-ولكن لماذا لا يتذكرون العالم في وقت الرخاء، بل يصبح العالم شيئا ثقيلا في الأفراح والليالي الملاح، وأنه إذا بين الحلال والحرام خلاف ما يشتهون، يرمونه بعدم الإلمام بفقه الموازنات، وفقه الواقع،  ومعطيات الحياة المعاصرة، وأن الشيخ ما زال حديثه جامدا تقليديا، وأنه أحد أسباب تأخر الدعوة الإسلامية؟ وتأخر النصر المؤزر، والفتح المبين لفلسطين؟

6-أليست  كلمة الحق التي يفترض أن يقطع رأس الشيخ من أجلها هي مُعَدَّة سلفا عند الجمهور، وليس على الشيخ إلا أن يقول ما يمليه عليه الجمهور فقط، يعني أن ما سيقوله الشيخ هو رأي الشعب المعدّ سلفا، ولا يجوز له أن يخالف رغبة الجمهور ورأيَهم الشعبي في الشرع، يعني أن العالم تابع لحركة الجماهير، وهذا يعني أننا وضعْنا العربة أمام الحصان والصحيح هو العكس، وأن كلمة الحق ليس فيها إضافة معرفية للجمهور لأن الجمهور أعدَّها سَلَفا.

7-إذا كان الجمهور يحب من الشيخ أن يقول كلمة الحق التي تريدها الجماهير، فما الفرق بين مطلب الجماهير في توظيف العالِـم كأداة معارضة، وبين توظيف العالم أداة موالاة حكومية، مما يؤدي إلى احتدام الصراع على توظيف الدِّين، وماذا يتبقى من الدين داخل دائرة الصراع هذه، وكيف يصبح الشّرع وسيلة للقضاء على الشقاق والخلاف، إذا أصبح أحد أدوات الخلاف والشقاق، وأين ذهب دور العالم في النصح لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم إذا أصبح معارضة أو موالاة؟ لذا علينا أن نحيي مبدأ حِياد العالم بقوة أكثر من حياد القضاء.

8-هل يعلم الجمهور أن عهد قطع رأس العالم قد انتهى بسبب تطور وسائل تشويه الشخصية، والإحراق المعنوي للرموز، بواسطة دهاقنة التضليل الإعلامي، الذين يسهل عليهم سَوْق الشعوب القابعة أمام الشاشات نحو برسيم رجال الأعمال وحلفائهم من رجال السياسة، وأن الشيخ الجليل سبقى بعد ذلك وحيدا مع قلمه وأوراقه.

9-أليست مهمة العالم هي البيان الشرعي القائم على أدلة وبينات، وضبط المعرفة الشرعية بمنتهى الموضوعية، وتثقيف المسلمين بدينهم، بعيدا عن أي انتماء خاص سواء كان موالاة أم معارضة، حزبا أم جماعة، فهو يقدم واجبه الشرعي في منتهى الإنصاف، وأنه لا سلطان عليه إلا سلطان الشرع؟.

10- ألا يجدر بالمجتمع أن يعلم أن الفقيه يتحدث بلغة علمية لا إعلامية وأنه لا يدندن على العواطف، فماذا يمكنه أن يفعل مع الذين يفضلون الموت على الفهم؟ وتعودوا على ما يطلبه الستمعون من أمور الدين، وإذا حدثهم الفقيه بالعلم  خرجوا من عنده يقولون:  ماذا قال آنفا، هل ما قاله الفقيه أصعب من هندسة المثلثات وحساب محيط الدائرة التي تدرس في المرحلة الابتدائية،  ولماذا كادت تجف كليات الشريعة من الطلاب لما رفع معدل القبول في الثانوية إلى 80%، أم أنه ليس هناك ما يستحق التضحية؟ دعوا الأفعال تتكلم.

وكتبه عبد ربِّه وأسير ذنْبه

د. وليد مصطفى شاويش

walidshawish.com

صبيحة الجمعة المباركة

عمان المحروسة

21-10-2016

1 thought on “ارحموا الشيخ الجليل في الأرض يرحمْكم من في السماء… لماذا لا يتذكرون العالم الرباني إلا لقطع رأسه؟! مجرد أسئلة فقط

  1. أغسطس 27, 2021 - غير معروف

    قلوبهم معك وسيوفهم مع يزيد
    فتنة العوام أشد على العالم من فتنة الحكام
    أصبت المحز وطبقت المفصل
    دكتورنا العزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top