كيف نعتصم بحبل الله وهو الوحي، وطالب الوحي لا يعرف العربية وطالب العربية لا يعرف الوحي؟!

نحو تطوير حقيقي للمناهج

الملخّص

قامت علوم العربية على خدمة الوحي بشقيه: كتابا وسنة ما شاء الله لها أن تقوم، ثم خَلَفت في القرن الماضي خلوف فصلوا اللغة عن الكتاب والسنة، كما أن علوم الكتاب والسنة أصبحت في معزل عن اللغة، مما أدى إلى حالة من الشلل في علوم النص، فطالب الوحي لا يتقن اللغة، وطالب اللغة غريب على الوحي، مما أدى إلى فجوة تسربت خلالها مقولات مجافية لمعارف هذه الأمة المؤمنة ودينها، سواء في جانبي الغلو والتحلل، لذلك لا بد من تدارك الأمر على عَجَل، برد الحق إلى نصابه، والأمر إلى صوابه، بإثراء طلاب اللغة معرفيا بالوحي، وطلاب الشريعة باللغة.

أولا: علوم اللغة في خدمة الوحي:

قامت علوم العربية على محور أساس، هو خدمة الكتاب والسنة وحمايتهما من العبث، وسار المسلمون على ذلك قرونا، حيث علوم الوحي جنبا إلى جنب مع علوم العربية، إذ لا يمكن فهم نصوص الوحي إلا باللسان العربي، فالكتاب بلسان عربي، والنبي تكلم بلسان عربي، فتجد المفسر والمحدث والأصولي قد شرب وتَـضَلَّع من علوم العربية، وصار فارسا من فرسان النص الشرعي، لما يمتلكه من قوة في اللسان العربي وعلومه المختلفة، ولا تكاد تجد عِلما من علوم الشريعة إلا ويشترط العلم بالعربية لخوض غمار ذلك العلم.

ثانيا: الفِصام النَّكد:

ولكن في مطلع القرن العشرين الماضي تم فصل اللغة العربية عن الشريعة حيث أصبح كل منهما تخصصا مختلفا، ولم يكن الفصل في الإدارة فقط بل في الخطط الدراسية أيضا، فتجد في خطة طالب الشريعة مادة أو مادتين في اللغة على استحياء، بينما ترى كذلك في خطط اللغة العربية مواد الوحي -إن وجدت- فهي على استحياء أيضا وشعور بالغربة.

ثالثا: فجوة خطيرة:

هذا كله يعني أن طالب الشريعة أصبح غريبا عن اللغة، غير قادر على أدوات النص الشرعي، وطالب اللغة أصبح غريبا عن الكتاب والسنة، مما أدى إلى شلل تام في كلا العِلمين، مما شكل فجوة تسربت خلالها المناهج الأدبية اللادينية في بعض أقسام الآداب، تبيض وتفرخ وتعزز التبعية والتقليد للغزو الثقافي، بينما انتحل الغلاة النصوص الشرعية، وراحوا يخبطون فيها خبط عشواء بلا شفقة ولا رحمة لا بأنفسهم ولا بغيرهم، بينما وقف طالب العلوم الشرعية مكتوف اليدين مقطب الحاجبين أمامهما لا يدري ما يفعل بسبب فقدانه الأدوات اللغوية للتعامل مع النص الشرعي، فكيف نتمسك بحبل الله جميعا مع وجود هذه الفجوة الخطيرة؟!

رابعا: كيف نسدُّ الفجوة؟

الحل الممكن، وهو أن يسعى طالب العربية إلى استكمال دراسات النص الشرعي، حسب المنهج الأصولي في الدلالات، وأن يسعى طالب الشريعة إلى استكمال دراسات اللغة العربية من كتب اللغة المعروفة التي درج عليها العلماء، فلا يستغني طالب العربية عن علم الدلالات في أصول الفقه، ولا يستغني طالب الشريعة عن الدراسات النحوية والبلاغية، وذلك ضروري  لمكافحة الأفكار المتطرفة في النص سواء من قِـبَل الجفاة أو الغلاة، وهنا يتكامل طالب العربية وطالب الشريعة معا، الكتف بالكتف والقدم بالقدم، لوقف الاعتداءات على حبل الله تعالى بشقيه الكتاب والسنة، من قبل طائفة اللادينيين الجفاة، أو المحرِّفين الغلاة.

الطريق إلى السنة إجباري

د. وليد مصطفى شاويش

https://www.facebook.com/drwalidshawish/#

25-9-2016

عمّان الأمان

3 thoughts on “كيف نعتصم بحبل الله وهو الوحي، وطالب الوحي لا يعرف العربية وطالب العربية لا يعرف الوحي؟!

  1. سبتمبر 26, 2016 - صالح اﻷمين الماعزي

    ما شاء الله تعالى

  2. سبتمبر 26, 2016 - Dr. abd

    رائعة منك دكتورنا العزيز

  3. ديسمبر 13, 2019 - محمد الجاسم

    جزاكم الله خيراً ونفع بكم، ما تفضلتم به حقيقة لا يمكن للعاقل إنكارها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top