الشريعة تصب أحكامها في الواقع عبر ثلاثة مَصَبات ومنافذ، هي: الإفتاء، القضاء، السياسة الشرعية.

نحو ضبط المعرفة الشرعية يجتهد العلماء في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، وهذه هي مرحلة البحث والنظر، تتلوها مرحلة تنزيل الحكم الشرعي على الواقع، عبر ثلاثة منافذ تصبّ في هذا الواقع وهي: 1-منفذ الفتوى: وهو إجابة المستفتي عن حاله خاصة به، وبناء على أقواله ونيته، ويقصد منها البراءة أمام الله تعالى، وهي غير ملزمة، ولا يحتج بها على الغير، لأنها خاصة بحال المستفتي. 2-منفذ القضاء: وهو نظر في خصومة خاصة بين طرفين، وهو ملزِم لهما، وهو بحسب الظاهر والبينات، ولا يبحث في الباطن، ويقصد من القضاء البراءة في الدنيا، وقد يُحكم للخصم بالبراءة في الدنيا، ولكنه لا يبرأ في الآخرة بسبب الكذب، والتزوير إلخ… 3-منفذ السياسة الشرعية: وهي نظر الحاكم في المصلحة العامة للمجتمع، بشرط عدم مخالفة إجماعات الشريعة، وشروط الاجتهاد، وهذه السياسة تسعى لتحقيق المصلحة العامة للمجتمع ورعايا الدولة، […]

Open post

نحو ضبط المعرفة الشرعية: اجتهاد العامي بتنزيل الحكم الشرعي على محله أمثلة وشرح

أولا: توضيح ما سبق: سبق أن بينت أن اجتهاد العامي هو في تعيين المجتهد الذي يأخذ عنه الدين، وأن من شرط المجتهد أن يكون عالما تقيا، فلا يؤخذ علم من جاهل تقي، أو من مُفْتٍ فاسق، عُرف باقتراف الكبائر، أو بالإصرار على الصغائر، ولكن الحديث اليوم عن اجتهاد آخر للعامي، وهو تحقيق المناط، ومعناه: أن العامي لا يبحث في الحكم الشرعي وأدلته، بل الحكم الشرعي واضح وثابت لديه، ولكن العامي ينزله على محله في الواقع، فكما أن العالم المجتهد في الشريعة هو عامي في الطب، وعليه أن يعين الطبيب الحاذق لحماية الجسد من الضرر، فإن العامي أيضا عليه أن يعين المجتهد في الشرع، حماية لدينه من الخطر، ولكن هناك قدر مشترك بين المجتهدين والعامة وهو الاجتهاد  بتحقيق المناط، الذي يعني تنزيل الحكم الشرعي بعد ثبوته على محله في الواقع، وهذه […]

Scroll to top