أولا: وحشية الدولة في الفكر اللاديني بسبب الإلحاد:
إن قيام الدولة في الفكر اللاديني على عبادة المنفعة المقدسة، حوَّل الدولة إلى وحش مفترس، لا يؤمن بأي تقييم أخلاقي في السياسة، وأن السياسة تقاس بحجم المنفعة لا بالأخلاق، وفي ذلك لا يختلف رجال اللادين عن رجال الدين في مضمون عبادة المنفعة المقدسة إلا في الصراحة فقط، فرجال الدين كما وصفهم القرآن أكلوا أموال الناس بالباطل وارتكبوا حروبا صليبية بشعة باسم الإله، أما رجال اللادين فخاضوا الحروب نفسها باسم المنفعة المقدسة، وكان صليب رجال اللادين الذهب والنفط والدولار.
ثانيا: ما يحدث في الغوطة هو نموذج لتطبيق المنفعة المقدسة في الفكر اللاديني:
ما يحدث في الغوطة الآن هو نموذج لعبادة المنفعة السامة النابتة في زبل الإلحاد، حيث يمكن للدولة العقلانية في الفكر اللاديني تبني طائفة باطنية كهنوتية وحمايتها، وتمكينها من إبادة أهل السنة، وفي الوقت نفسه تستطيع الدولة في الفكر اللاديني الاستمتاع بإبداء القلق في ارتياح تام تجاه ما يجري في الغوطة، ولا تختلف هذه المنفعة المقدسة عن الغنائم التي كان يحصل عليها الغزاة في حروب القبائل قبل التاريخ، وليست عبادة المنفعة في الفكر اللاديني إلا إضافة أطر فلسفية وفكرية للغنائم، وتسميتها باسم المنفعة والمصلحة، واستخدام الشعوبية والقومية محل القبيلة البدائية، دون أي تغيير في المضمون.
ثالثا: تعداد بعض المنافع المقدسة في مذابح الغوطة:
1- ارتكاب الجريمة المؤدية للهدف، وتحقيق المنفعة لحساب العدو الإسرائيلي بقتل أولياء قضية القدس، وإجراء تغيير سكاني بطرد أبناء الأمة من بيوتهم، وإحلال الـجَـلَب من الطوائف لتغيير جغرافية السكان، في مشهد مليء بالأناشيد الوطنية والقومية.
2- بالرغم من ارتكاب الجاني الجريمة فيمكنه أن تتبرأ من قتل الضحايا، والتظاهر بطهارة رجال الدين المزيفين، عن طريق التعبير عن القلق على المدنيين في الغوطة، وهو قلق مفيد سياسيا واقتصاديا، وهو نموذج لعقلانية الدولة في الفكر اللاديني في تحقيق أكبر قدر من المكاسب، وفي أسوأ الأحوال يمكن أن يفسر القلق بالعجز الدولي، وفي النهاية صك براءة من الجريمة، ويتفرق دم المسلمين بين قبائل المجتمع الدولي.
3-توفير غطاء سياسي وإعلامي للكهنوت الطائفي المدجج بالحقد والكراهية للأمة، عن طريق شعار حقوق الأقليات، وقد أثبت ذلك كفاءة عالية اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا، في تفتيت جماعة المسلمين، والاستيلاء على ديارهم، مع أهمية رفع شعار المقاومة في هذه المرحلة، كتحاميل خافضة لحرارة الشعبوية والحركة الفوضوية العربية السُّنية.
4-استخدم الغرب القومية والوطنية لهدم الخلافة العثمانية، ثم استخدم الخلافة المزيفة في هدم القومية والوطينة، فالخلافة المشوهة مفيدة في الفكر اللاديني، والقومية المشوهة مفيدة أيضا، فهو يستفيد من الغلاة في الدين، كما يستفيد من الوطنيين المشوهين بلا دين، وهذا نموذج على ازدواجية المنفعة المقدسة في الهدم والتفتيت، التي يتفنن قساوسة الحداثة في صناعتها.
5-ناهيك عن الديمقراطية ففيها منافع أخرى فهي حق الشعب، وفي الوقت نفسه هي: الشعب يريد إسقاط الشعب، وكذلك المناداة بحقوق المرأة والطفل، مع دفهنما تحت أنقاض البراميل في الغوطة وغيرها، كل هذا يقع في معبد المنفعة المقدسة في الفكر اللاديني، ويبرز قدرة الدولة في الفكر اللاديني على حصد كل المكاسب.
6-إن مذابح المسلمين في الغوطة هي نموذج الإلحاد في تدنيس المقدس وتقديس المدنس في الفكر اللاديني.
رابعا: رجال اللادين ورجال الدين والعصابات جميعا في معبد المنفعة المقدسة:
يعني أن رجال اللادين في السياسة هم سدنة المنفعة المقدسة في الفكر اللاديني، فما الفرق بين عقلانية الدولة في الفكر اللاديني وعقلانية رجال الدين الذين اشتروا بالدين ثمنا قليلا، وعصابات المافيا إذا كانت المنفعة المقدَّسة هي الـحَكَم، وليس الحقّ، أليست المنفعة المقدسة هي بضاعة أعداء النبوات سابقا ولا حقا؟
خامسا: فاعتزلوا الإلحاد في السياسة:
إن سلوك رهبان معبد المنفعة الملطخة بدماء المسلمين يسعون إلى تدمير ديار المسلمين وتفكيكها، بسبب حالة من العقدة النفسية من الحضارة الإسلامية الأخلاقية التي تملك جميع أدوات الحياة الإنسانية الكريمة، التي تسترد الإنسان الذي اختطفته الدنيوية الغربية، وجعلته كائنا اقتصاديا جنسيا، وتراه بعد الموت حثالة من الكيمياء، وزبالة من الخلايات البيولوجية المنتنة، فالإنسان في الفكر اللاديني، بهيمة في حياته، زبالة في مماته، ولن يستطيع أحد أن يسترد الإنسانية المعذبة، ويخلصها من رق البهيمية اليوم إلا النبوة، فنحن في عصر تدنيس المقدس وتقديس المدنس.
وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه
د. وليد مصطفى شاويش
صبيحة الجمعة المباركة
14-جمادى الآخرة-1439
2-3-2018
جميل جميل