هل أتاك حديث غلاة الغلاة أم لم تُنبأ بأخبار جفاة الجفاة…لماذا الطريق إلى السنة إجباري

تمهيد:

إن الإسلام هو دين الله تعالى في الأرض، وهو دينه في السماء، ولا يقبل الله من الناس غيره، فمن خرج من الإسلام دخل في الكفر، ومن خرج من الكفر دخل في الإسلام، وله سبحانه مع المؤمنين شأن عظيم، إنْ هم قصروا في أعمال الإيمان، فقال تعالى: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، فليست جرائم الغلاة والجفاة في حق هذه الأمة المؤمنة، إلا مطارق وسياط لاهبة على ظهرها، وكوارث دافعة نحو الملجأ الوحيد هو السنة، لعلهم يرجعون بهذا العذاب الأدنى إلى ربهم وسنة نبيهم، قبل أن يدركهم العذاب الأكبر في الآخرة، وهذا لطف إلهي خفي بهذه الأمة المؤمنة، لتستمسك بالسنة وتحقق قيامتها الجديدة على سنة أجدادها من الصحابة رضي الله عنهم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، قال تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).

1- من هم جُفاة الجُفاة:

تتحدث عن الجفاة المتحللين من الشرع وتكاليفه، ولكن هناك طور متقدم من مرض التحلل، وهي طائفة جفاة الجفاة، وهي لا تكتفي بأنها تمارس إسقاط الفرائض الشرعية عن طريق الفهم المحرّف والتشكيك في كتاب الله وسنة رسوله، بل تمارس حالة من العمالة الثقافية الرخيصة، وهي تحريض الغزاة على ديار المسلمين وإثارة الفتن بينهم، ومحاولة محو كل ما له صلة بالإسلام وإحلال الفكر اللاديني محل الإسلام، والتحريض على دماء المسلمين، واتهام نصوصهم الدينية بأنها تحرض على الإرهاب المزعوم، وتبعية هذا النوع من الجفاة للفكر اللاديني أصبحت طورا متقدما من تقليد المستشرقين بوصفهم قاعدة ثقافية محرضة على المسلمين وغزو ديارهم، وإبادة أهل السنة بأفتك الإسلحة، ولا يرقبون في مؤمن قرابة ولا عهدا ولا وطنا.

2-من هم غلاة الغلاة:

أما غلاة الغلاة فهؤلاء طور متقدم من الغلو، يشكو الغلاة أنفسهم من غلوهم، بل إن غلاة الغلاة يتهمون الغلاة بالتحلل من الدين، فهم طور متقدم في الغلو، ويعتقدون أن ارتكاب المسلم للكبائر يلزم منه اعتقاد أنها حلال، ومن ثم يكفر المسلم بارتكاب الكبائر بناء على أن فعل الكبيرة دليل على اعتقاد أنها حلال في ظن صاحب الكبيرة، فينطلقون من هذا الزعم الباطل لتكفير المسلمين بالجملة، ثم بعد ذلك تكفير المجتمع، واعتبار دار الإسلام دارَ حرب وكفر أولى بالقتال؛ لأن المرتد عن الإسلام شر من الكافر أصلا، ثم توجه أسلحتهم إلى صدور المسلمين.

3-التحلل والغلو كوارث تدفع نحو اللجوء للسُّنة:

إن كارثة غلاة الغلاة وجفاة الجفاة هي مطارق حامية على رؤوس المسلمين، تقول لهم: الغلاة من أمامكم والجفاة من خلفكم، فإما الموت بنار الجفاة، أو بسيوف الغلاة، وما لكم إلا مراكب السنة، فمن ركب فيها نجا، ومن تنَكَّب عنها هلَك، وهذه سنة الله في الغافلين عنه من المسلمين، الذين اتبعوا أمر الواقع، وما أمر الواقع برشيد، فلا بد من موقف حر يتفوق على الواقع المرير ويصلحه، ليكون غدا أفضل لأجيال المسلمين القادمة، فأجدادنا من الصحابة صنعوا بإيمانهم الواقع الرشيد، بينما أصبح التدين في بعض حالاته اليوم صناعة الواقع، ويتغير بتغير الواقع، لذلك سيأتيه التغيير الإجباري نحو الالتزام بالسنة من الواقع نفسه.

4-يُسفك من دماء هذه الأمة بقدر ما فرّطت من العمل بالإيمان:  

وتحت وطأة كوارث التحلل والغلو، ستظهر حالات اللجوء الإجباري إلى السنة بوصفها خيارا وحيدا للسلامة من تلك الكوارث، ذلك الخيار الذي يحمل المسلمين، على العمل بما  يعتقدونه من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم، لأنهم يعتقدون أن الشرع هو الحق مهما قصروا في العمل، وهذا اللجوء الإجباري يحررهم من حالة الركون للواقع المتخلف الجاثم على صدورهم، وباختصار فقد ارتبط دم هذه الإمة بإيمانها بربها، فبمقدار تحللها من أعمال الإيمان يُسفك من دمها، وبمقدار ما تستمسك من أعمال الإيمان تُحقَن دماؤها، لذلك كله أقول: الطريق إلى السنة إجباري.

(وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)

د. وليد مصطفى شاويش

غفر الله له ولوالديه

14-10-2016

عمان المحروسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top