ملخَّص المناقشات والأسئلة الواردة على حوار مع أخي (21) هل المولد النبوي بدعة؟ حوار في دلالة النص المطلق

تمهيد:

وردتني أسئلة عديدة حول الحوار رقم 21، الذي أجريتُه حول دلالة النص الشرعي في الصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم وعلاقته بالمولد النبوي، وقد دارت مجموعة الملاحظات والأسئلة بين التاريخ، ومقولة لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والتي تجعل العدم حجة في الدين، أو سد الذريعة على عمل المولد، لما قد يؤدي إليه من المفاسد، وقد ذكرت الأسئلة جميعا، ولكنني رتبتها بحيث تكون متجانسة قدر الإمكان، لتوحيد الإجابة، ثم كتبت تعليقا على جملة الأسئلة، لأوضح ضرورة التمسك بالنص.

أولا: الاحتجاج بالتاريخ وبالعدم:

-إن أول من ابتدع المولد هم الفاطميون الزنادقة في القرن الرابع الهجري.

-إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بيوم مولده ولا الصحابة رضي الله عنهم، ولا الأئمة الأربعة المتبوعون. ولا يخفى عليكم أن أول من أبتدع الاحتفال بالمولد النبوي هم الفاطميّون (الزنادقة) في القرن الرابع الهجري.

لا يعنينا الفاطميون وافقوا الشريعة أم خالفوها، فموافقتهم لنا لا تنفع، ومخالفتنا لهم لا تضر، فليسوا بشيء، والمرجع هو الشرع في الأحكام الشرعية وليس التاريخ موافقة أو مخالفة دينا يعبد الله به، وكلمة ابتدع تحتاج تحريرا وتحريا، وليثبت ذلك لا بد من تعريف البدعة ثم تنزيلها قيدا قيدا، على المولد ليثبت أنه بدعة بطريقة موضوعية.

-ما حكم صلاة السنن الرواتب جماعة استدلالا بعموم الأدلة الدالة على أفضلية صلاة الجماعة؟

إذا كان السؤال حول صلاة النافلة في الجماعة فهذا جائز شرعا، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى جملة من النوافل جماعة، والرواتب كالنوافل فهي نفل مطلق، واستحب مالك أن لا يكون ذلك علانية خشية الرياء، ولو كان السؤال أكثر تحديدا وصراحة من حيث علاقته بالمولد لكان أحسن.

-هل يجوز الأذان لصلاة العيد علما أنه لم ينقل والأذان إعلام بدخول الوقت؟

لا يؤذن للعيد ولو كان الأذان إعلاما بدخول الوقت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا  كما رأيتموني أصلي، ونحن نقتدي بصلاته وهي فعله المنقول لا في تركه، والله تعالى يقول: “اليوم أكملت لكم دينكم”، والترك عدم ولا يحيلنا الله تعالى في الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- على العدم، فقد أكمل لنا الدين والحمد لله، وزعْم أن العدم دليل من أدلة الشرع ، هو اتهام للشريعة بالنقص، والله تعالى يقول: “اليوم أكملت لكم دينكم”، (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، والعدم ليس أمرا ولا نهيا.

-ما حكم التكبير بتكبيرات العيد بعد الصلوات في العيد من باب فضل الذكر وأدلته كثيرة ؟

لا أدري ما علاقة هذا السؤال بموضوع المولد، ولو كان السؤال مباشرا لكان أحسن.

-كم مرة احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده ؟

لم يحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم، ولو مرة واحدة، وهذا ليس دليلا شرعيا، لأن العدم ليس حجة والدليل حسب النقاش في الحوار، وقد بينت خطورة مقولة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، على نصوص الشريعة العامة والمطلقة، وأن العام والمطلق يخصصان ويقيدان بأدلة شرعية مكافئة فقط، والعدم ليس حجة في دين الله تعالى، والله تعالى يقول اليوم (أكملت لكم دينكم)، ومعاذ الله أن يتركنا العليم الحكيم للعدم.

-وكم مرة احتفل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ؟

يقال هنا مثلما قيل في في عدم احتفال النبي صلى الله عليه وسلم.
-وكم مرة احتفل ابو حنيفة رضي الله عنه والامام مالك والشافعي وأحمد ؟

أفراد المطلق غير محصورة أصلا، وشرطها أنها شائعة وكذلك العام أفراده غير محصورة، وهذا الإشكال يمكن توضيحه في عدم تحديد أفراد العام والمطلق لا بزمان ولا بفرد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أحالنا على النصوص الشرعية وفعله، ودلالات الألفاظ العامة والمطلقة غير محدودة في الأفراد والأحوال التي تنطبق عليه، بل إن محاولات طائفة اللادينيين تخصيص العام أو المطلق بغير مخصص أو مقيد شرعي، وكذلك المقولة العدمية : لم  يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، تريد أن تقيد المطلق وتخصص العام بشرط أن يعمل به النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، وهنا تحول الشريعة إلى تاريخ، وتسحب نصوصها من جميع الأزمنة والأفراد والأمكنة والأحوال، وهذا إلغاء للشريعة.

متى ولد النبي و ما هو الدليل.

-هنال إشكال أصلا في تاريخ المولد النبوي.

لا علاقة لهذا بالحكم الشرعي في الصلاة عليه، لأنه ثابت شرعا، وتاريخ مولده ليس هو سبب الصلاة عليه، بل النصوص الشرعية المطلقة الآمرة بذلك، ولا يعنينا البحث في تاريخ مولده من حيث الحكم الشرعي للمولد.
-لم تكن الطائرة و لا السيارة موجوده بذلك الوقت و لكن كان الحصان و الجمل.
-هل يوجد ما يثبت اجتماع الصحابه رضوان الله عليهم في يوم محدد للاحتفال أو الذكر أو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم محدد غير عيدي الفطر و الأضحى؟

هذا يرجع إلى الاستدلال بالعدم، والعدم في ديننا ليس حجة، وقد فصلت في ذلك سابقا، في التحذير من شبهة : لم يفعله رسوله الله صلى الله عليه وسلم، وتجعل العدم حجة، مع أن الله تعالى أكمل لنا الدين.

-ولم تُجب عن الأسئلة الرئيسة من أين دخل علينا الاحتفال بالمولد ؟ وكيف يحتفل بشيء غير ثابت ومختلف في تاريخه

التاريخ ليس دينا يتبع، وإذا ثبت الأمر بدليل شرعي، فلا يعنينا من فعل ومن ترك ونحن متعبدون بالشرع لا بالتاريخ.

ثانيا: المولد النبوي وإشكال التسمية والتخصيص:

-أتمنى لو تكلمت عن كلمة العيد لأن كثيرا من الإخوة لديهم إشكال في تسمية المولد بعيد المولد وما أشبه.

إشكال تسمية العيد، راجع إلى استخدام مفردة لها معنيان: شرعي ولغوي، فإن كانت ملتبسة بالمعاني الشرعية، كالعيدين والجمعة، فهذا استعمال غير صحيح، أما إذا استعملت على أصل المعنى اللغوي وهو بمعنى: ما يعود، أي ما له مناسبة يعود فيها كل عام فهو إطلاق لغوي صحيح، بشرط عدم اللَّبس مع المعاني الشرعية، وتبقى العبرة شرعا بالأفعال والأقوال التي تقال في المولد تحليلا وتحريما.
-لفظ الخمر هل هو اسم ام فعل واذا كان اسم فنحن نطلق عليه حكم وهو الحرمة

عندما نقول الخمر حرام فهو على تقدير كلام لولاه لا يصح الكلام، بناء على ما هو معروف في دلالة الاقتضاء في علم الأصول، كقوله تعالى: “حرمت عليكم أمهاتكم”، فهذا لا بد له من تقدير كلام وهو: نكاح أمهاتكم، وإلا لحرمت مجالستها، وبرها، وهذا الكلام تقتضيه الصناعة الأصولية، أما من حيث اكتمال الألفاظ فالجملة مكتملة، فعل: وهو حرمت، ونائب فاعل: وهو “أمهاتكم”، وهذا فرق بين الصناعة النحوية والأصولية.

-إن الإشكال هو في تخصيص موعد بيوم معين للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يوم المولد.

-هنا نقطة الخلاف تخصيص الصلاة بزمن معين ( يوم المولد ) _إن صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم ولد في هذا اليوم.

لا أعلم أحدا من المسلمين يخصص يوما واحدا في السنة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن اعتقد أن هناك وقتا محدودا تمنع فيه الصلاة على النبي أو تسن على وجه الخصوص فهذا مخالف لدلالة النص المطلق تماما، وإن المانع من المولد أو المخصص بهذا اليوم كلاهما أضاف للدين ما ليس منه، لأنني أؤكد أن النص المطلق عام: في الزمان، والمكان، والأفراد، والأحوال والتخصيص بالمنع أو السنية بخصوص اليوم تقييد للنص الشرعي بغير دليل شرعي معتبر.

-إن تاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هو نفسه يوم وفاته، وأيضا يمكن أن يقال إن تاريخ 12 من ربيع الأول هو تاريخ وفاته عليه السلام، فكيف تحتفلون بتاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟!

 

إن تاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك تاريخ ولادته مسائل تاريخية لا يتعلق بها حلال ولا حرام ولا سنة ولا بدعة، فتاريخ الوفاة والولادة أصلا مختلف فيهما، ولا يتعلق بهما دين، والزعم بأن المحتفلين بالمولد يحتفلون بيوم وفاته هو إساءة للمسلمين المحتفلين على سبيل العادة وليس العبادة، وهم محتفلون بذكراه محبة له لا كرها، فكيف تقلب الأمور أنهم يحتفلون بيوم موته، ومعروف أن العادات الأصل فيها الإطلاق، ومحاولة فرض التعبد على الاحتفال بالرغم من أن المحتفلين ينفون ذلك عن أنفسهم هي مجازفة بعيدة.

وهذه نصوص في الاختلاف في تاريخ وفاته أيضا، وأنها ليست متفقا عليها كما يزعم بعضهم، وإنّ زعم الإجماع في مسائل تاريخية مختلف فيها أمر بعيد المنال، والصحيح أن المتفق عليه هو أنه ولد في الاثنين من ربيع الأول دون تحديد التاريخ، وكذلك وفاته يوم الاثنين ربيع الأول واختلف فيما بعد ذلك. وذلك يقوي أنه لا علاقة للتاريخ تحديدا بالحفل حتى يبنى عليه الاتهام الجزافي بتبديع جماهير المسلمين وعلمائهم العاملين بالكتاب والسنة، والقائمين بواجب الشريعة.

تاريخ خليفة بن خياط (ص: 94)

وَفَاة الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة خلت من شهر ربيع الأول وَيُقَال لليلتين خلتا مِنْهُ وَدفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 200)

 قالوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ شَهْرِ- رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَبُويِعَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ النَّبِيُّ ص. وقال الواقدى: توفى يوم الاثنين لثنى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ،

التنبيه والإشراف (1/ 244)

وتنوزع في أي يوم من شهر ربيع الأول كانت وفاته عليه الصلاة والسلام بعد إجماعهم على أن وفاته يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، فقال الأكثرون كانت وفاته لاثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر، وقال آخرون بل ذلك لليلتين خلتا منه، وقال آخرون لتسع خلون منه

ثالثا: منع المولد بناء على أصل سد الذريعة:

-هل الاحتفال يؤدي إلى التمسك بالسنة؟

-السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. دكتور ما الغاية من اقامة المولد النبوي؟ هل هو التقرب إلى الله؟ أم تعبير عن حب الرسول أم ما هي الغاية المرجوه منه وهل هو طاعة لله ويدخل في باب التقرب الى الله؟ أم ما هي الحكمة المستحدثة منه والمستنبطة؟

قد يكون الاحتفال مناسبة للدعوة بالتمسك بالسنة، وقد يكون مناسبة تهدر فيه السنة، والشرعية، فيحكم على ما يجري فيه بما يليق به، وأما تحديد ما هو طاعة أم لا فهو حق الشرع بأدلته، وبينت ذلك في الحوار.

-عندما نشاهد الغلو في الاحتفال والتشبه بالنصارى في بعض الاحيان كعمل شجره مثل شجره الكرسميس ومكتوب عليها اسم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم والاخذ بعين الاعتبار حاله الجهل التى تمر فيها الامه في هذا الزمان. فهل يتطلب الامر التدخل واصدار حكم شرعي لهذا الاحتفال والذي حسب المقاله ليس له حكم شرعي لكي لا يستفحل الامر ونشاهد الخمر برفقه شجرة الكرسميس تشبها بالنصارى لان شريحه كبيره من المجتمع ليس لديها علم شرعي ولا مرجعيه من علماء السنه.

حكم المولد حكم ما يفعل فيه، والتشبه بالكافرين في ثقافتهم ودينهم حرام سواء كان في المولد أم في غيره، ومحز البحث هو المولد نفسه، فهل إن صلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ومدحه بما هو له أهل حرام أم جائز.
-وأنت يا دكتور لك مقالات واراء فقهيه صارمه(حسب الاصول) لدرء المفاسد وسد كل الثغرات امام كل نفس ضعيفه.
أليس الافضل ان يصدر حكم شرعي بعدم جواز الاحتفال بالمولد ( وهذه مناسبه غير خاضعه لاي حكم ولكن من باب الاجتهادمن ان نفتح الباب امام المتسكعين الذين لا يعلمون أركان الاسلام من ممارسه طقوس الاحتفال حسب طرق مستوردة من الغرب أمام ابناءهم .

-وهل الاحتفال بالمولد يؤدي إلى التمسك بالسنة والمشي على هدي الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه ؟!!

تحريم المولد سدا للذريعة يعني أنه مباح وليس بدعة، لأن البدعة محرمة أصلا، ولا تدخل في سد الذريعة، وكل ما تقول فيه “حرام سدا للذريعة” فهو يعني أنه في الأصل حلال، وكل ما تقول فيه “مباح للضرروة” فهو في الأصل حرام، فإذا ثبت أن المولد مباح، فإن من شرط التحريم سدا للذريعة أن يكون مؤديا للمفسدة غالبا، وهو أمر يحتاج إلى تقدير من قبل جمهور الفقهاء وتقصي للمفاسد ومعيارها الكمي فليس كل ما يؤدي إلى مفسدة يحرم سدا للذريعة، بل لا بد من قيد “غالبا:، وعلاوة على ذلك فإن سد الذريعة أصل مختلف فيه، توسع فيه الإمام مالك وخالفه في ذلك بعض أئمة الاجتهاد.

إضافة بتاريخ 8 ربيع الأول 1439 الموافق 26-11-2017

1-إنه لا داعي لبيان أن الحكم الشرعي في المولد هو الأفعال التي فيه وليس الحكم متعلقا بالاسم نفسه.

وردني كلامان متناقضان من المبدعة للمحتفلين بالمولد، أحدهم قال إن حديث الدكتور بأن الحكم يتعلق بالمولد من باب البديهة هو في الأفعال التي فيه، وزعم مبدع آخر بالاحتفال بالمولد بأن الأحكام تتعلق بالأسماء، مما يعني أن الطرح بأن الحكم يتعلق بالفعل لا بالاسم والعبرة هو بما يحدث في المولد وليس اسم المولد،

2-زعم أحد المبدعة بالمولد أن الحكم يتعلق بما يجري في المولد بما سماه اللزوم العادي وهو الحداء والرقص، بمعنى أنه يلزم عادة أن يكون فيه رقص ونشيد، ويبدو أن الأخ العزيز بحاجة إلى مراجعة معنى اللزوم العادي، وأن يتحقق من الفرق بينه وبين العرف، وهل العرف مطرد أم لا، فيقوم بعملية بحث واستقصاء قبل أن يتهم فضلاء العلماء والشيوخ المحتفلين بالمولد، بتهمة خطيرة كالبدعة، وما يترتب عليها من التفسيق لعامة المسلمين بدعاوى غير مدروسة بعناية.

3-بالرغم من أن المبدع نفسه زعم اللزوم بما يدل عليه المولد وهو الرقص والنشيد، إلا أنه بعد ذلك قال إن المولد هو من دلالة اللفظ على معناه بالمنطوق، فلم نعد نميز هل كلمة المولد تدل على ما يحدث فيه بدلالة اللزوم العادي، أم بدلالة المنطوق للكلمة، مما يعني أن ذلك المبدع نفسه مرتبك في فهم العلاقة بين اللزوم العادي، ودلالة منطوق الألفاظ، واضطرب مع أخيه المبدع الآخر في أن الأحكام هل تتعلق بالأسماء أم بالأفعال والأسماء، بالرغم من أنني أوردت معنى الحكم عند الأصوليين، وأنه متعلق بالفعل لا بالاسم، ولا داعي هنا لشرح المعنى الاصطلاحي للحكم عند الأصوليين.

4-بالرغم من أن المبدع للاحتفال بالمولد هو مبدع لمن يحتفل ابتداء، لأنه لم يفعله الرسول ولا الصحابة رضوان الله عليهم، إلا أنه عندما يناقش من يجيز المولد فيقول إن الحرام نظرا لما يجري فيه، وليته يصرح بأنني أجيز الاحتفال ابتداء ثم يتناول ما يجري فيه كما أشرت إليه في الحوار 21، وهذا أمر يحتاج من المبدِّع إلى تأن وتريث، فإن كان لا يجوز ابتداء فلا تجوز فيه المباحات، وإن كان يجوز ابتداء فحكمه هو حكم ما فيه من حلال أو حرام، ولكن المبدع يمنعه ابتداء ثم يبدأ برده نظرا لما فيه من حرام أو غير ذلك.

5-يحرص بعض المبدعة بالاحتفال بالمولد أن يجعل الاحتفال بالمولد عبادة غصبا عن المحتفلين بالمولد، وهو يمارس عنفا فكريا على نيات المسلمين كعادته، فبالرغم من أن المحتفلين بالخطب والكلمات والأناشيد يصرحون بأن هذ عادة كالاحتفال بالمناسبات المختلفة كاليوم الوطني وغيره، ومرور مائة عام على تأسيس جامعة وغير ذلك، إلا أن ما رأيته من بعض المبدعة وما وصلني منهم أنهم يمارسون مصادرات ثقافية ويفرضون على المحتفلين أنهم يتعبدون تمهيدا لتبديعهم بالمولد، في الوقت الذي اتفق فيه العلماء على أن النية محلها القلب، وصرحوا بأنهم لا يحتفلون به عيدا على وجه التعبد، ولكن مشكلة المبدعة هي عدم السؤال للناس حيث يجب السؤال، ولكنه يقوم بالتبديع الإجباري والشامل.

6-ذكر بعض المبدعة بالاحتفال بالمولد أقوالا عن بعض السادة المالكية قولهم ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي، ولكن أيضا هناك كثيرون من المالكية قالوا بجواز ذلك، والقولان ليسا متعارضين لدى التحقيق، لأن الاحتفال به على وجه التعبد بدعة لم يختلف فيه، لأنه إضافة للدين ما ليس منه، أما على وجه العادة فهو كغيره من العادات الاجتماعية، الباقية على أصل حكم العادة هو الإباحة، ولكن مشكلة بعض المبدعة لا يذهبون مذهب التوفيق بين اجتهادات الأئمة والمجتهدين وأدلة الشريعة، بل يسلكون فيها مسلك الانتقائية وصناعة الشقاق بين أقوال العلماء، هاجرين الوفاق وداعين للشقاق، فأخذون ويتركون بلا منهج ولا قانون، ويسلك مسلك الطرح لقول وأخذ آخر، والأصح هو مسلك الجمع، فمن احتفل على وجه التعبد، فهو يضيفه للشرع، وهو بدعة، وعليه تحمل أقوال من قال إنه بدعة، ومن احتفل على وجه العادة فهو باق على العادة، وأصلها الإطلاق والإباحة، وعليه يحمل قول من قال بالجواز، وهذا هو الجماعة ولزومها، أن يحمل متشابه أقوال العلماء على محكمها والتوفيق بينها دفعا للشقاق والنزاع.

رابعا: ملاحظة على الأسئلة والمداخلات بصفة عامة:

استندت الملاحظات والأسئلة في أكثرها على مقولة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مقولة أن العدم حجة، والله تعالى أكمل لنا الدين، ولم يجعل العدم في ديننا حجة، وهي تجعل الشريعة خاضعة للتاريخ، وأكثر من ذلك تم رد دلالة العموم في النص الشرعي، الذي بني الحوار السابق عليه، يعني خلت الاعتراضات من مناقشة النص نفسه، ووجوه المعاني اللازمة من النص، ولجأ بعض الإخوة إلى مقولة العدم وهجر النص المطلق: العام في المكان والزمان والحال والأفراد، ومع أن النص الشرعي هو أصل الدين إلى أنه جُوبِه بالتاريخ وبعدم التاريخ، وبسد الذريعة دون تدقيق في أصول سد الذرائع، وهذا كله محض الرأي في مقابلة النص الشرعي، وأسأل الله تعالى أن يوفقني والسائلين والمتداخلين والقارئين لاتباع السنة ولزومها، فإنها هي الدين وهي الجماعة، أما محض الرأي فإنه يفرق الأمة ولا يجمعها، ونحن في أمس الحاجة إلى السنة والجماعة.

انظر:

1-حوار مع أخي (21) هل المولد النبوي بدعة؟ حوار في دلالة النص المطلق.

2-الجزء الأول: مدى حجية مقولة (لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم)… وتساؤلات في أصول أهل السُّنة.

3-الصوتية العاشرة: البدعة في الدين تعريفها معالمها وتعداد مجالاتها (للاستماع انقر على الرابط أسفله)

الطريق إلى السنة إجباري

وكتبه عبد ربه وأسير ذنبه

د. وليد مصطفى شاويش

https://telegram.me/walidshawish

23-12-2016

عمان المحروسة

 

2 thoughts on “ملخَّص المناقشات والأسئلة الواردة على حوار مع أخي (21) هل المولد النبوي بدعة؟ حوار في دلالة النص المطلق

  1. أكتوبر 28, 2020 - ابراهيم ابو العدس

    نفع الله بكم مولانا

  2. نوفمبر 2, 2020 - Turaki Usman

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أتابع مساعيكم النبيلة ونشركم للعقيدة الصحيحة في الموقع و خارجه. حاولت الاتصال عبر التلفون ولم أتمكن. لو كان هناك إتصال عبر الواتساب لكان أحسن وأفضل. لدينا أسئلة كثيرة حول مسائل دينية كثيرة لو سمحتم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top