الجزء الثاني: عودة إلى مقولة لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم أصل الحقيقة الشرعية ورفع اليدين في دعاء التشهد!!!

قراءة سابقة: مدى حجية مقولة (لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم)… وتساؤلات في أصول أهل السُّنة

1- بعض الإخوة يتعامل مع هذه المقولة  كما لو كانت مصدرا من مصادر الشريعة، أو منهجا في الاستدلال، مع أنه يترتب عليها أحيانا رد النصوص العامة والأحكام الثابتة بأصول الاستدلال، وقد بينت أن الحقيقة الشرعية هي دليل يحمي من الوقوع في البدع المذمومة، ولا حاجة أصلا لهذه المقولة العدمية التي لها إفرازات جانبية خطيرة، بينما نجد أن الحقيقة الشرعية، هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

2-وأحببت أن أمثل اليوم بأصل الحقيقة الشرعية التي بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله صلى الله عليه وسلم: صلُّوا كما رأيتموني أصلي، ودور هذا الأصل في حماية السنة وقمع البدعة، وقد مثلت لهذا الأصل بعدم مشروعية رفع اليدين في دعاء التشهد مع وفرة الأدلة الشرعية على سنية رفع اليدين في الدعاء، حيث يمكن أن يستدل أحدهم على عدم مشروعية رفع اليدين في التشهد بمقولة: لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعطي مصداقية لهذه المقولة التي تزعم أن التعبد هو بالعدم، وبما لم يفعله رسول الله -صلى عليه وسلم، ثم تتحول هذه المقولة إلى ذريعة لرد أحكام الشريعة، كما بينت سابقا.

3-إن الأصل في منع رفع اليدين في دعاء التشهد ليس العدم، وهو مقولة: لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولم يُـحِلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعديم المفلس، بل أحالنا على غني مليء وهو السنة،  فقال: صلوا كما رأيتموني أصلي، فقد أحالنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى فعله،لا إلى تركه، ولم يقل: لا تصلوا كما رأيتموني لا أصلي“!!، فهذا لا يقوله أحد، حتى مَن يردِّد هذه المقولة على نحو يحذف الأحكام الشرعية الثابتة بأصل عام، ويزعم بأن الترك صالح لتخصيص النص العام، بل هو مقدم على القياس في زعمه، وهو ما سيأتي بيانه في الرسائل الآتية.

4-إن أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أُمته بالصلاة كصلاته، يعني أنه نهاهم عن الصور خلاف الحقيقة التي بينها، فمرجع نفي الصور المخالفة راجع للسُّنة المبـيَّـنة، وليس العدم غير المعروف، ذلك لأن العقل يقضي بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، فمن أمرتَه بالإيمان فهذا الأمر هو نهي له عن الكفر، وبناء على أن الحقيقة الشرعية الواضحة البينة في الصلاة، قلنا بعدم جواز الصور المخالفة للشرع ومنها رفع اليدين في التشهد، مع ثبوت سنية رفع اليدين في مواطن أخرى، وهذه الحقيقة الشرعية هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولم يتركنا للعدم.

5-أحيانا تكتسب هذه المقولة الخطأ مصداقية من الفروع المخرَّجة على الحقيقة الشرعية، فقد يقول أحدهم تحرم الركعة الخامسة في صلاة العصر مثلا، لمقولة: لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وهنا تكون هذه المقولة الخطأ قد اكتسبت مصداقية وقدرة على الإقناع من الفرع الثابت وهو حرمة زيادة الركعة  واجبة الترك، مع أن الأصل الذي ثبت به الفرع هو الحقيقة الشرعية، ومن ثم تم إلغاء الأصل الشرعي الثابت المتمثل في الحقيقة الشرعية للصلاة التي بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- قولا وعملا، لصالح مقولة لم يفعله رسول الله- صلى الله عليه وسلم-  وحلَّ العدم المجهول محلّ السنة المبيَّنة، التي تركَنا عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

-ملاحظة: اخترت ترقيم الرسائل الخاصة بهذه المقولة لتسهل الإحالة إلى كل رسالة برقمها.

الطريق إلى السنة إجباري

walidshawish.com

28-3-2016

4 thoughts on “الجزء الثاني: عودة إلى مقولة لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم أصل الحقيقة الشرعية ورفع اليدين في دعاء التشهد!!!

  1. مارس 29, 2016 - ابو اسامه الشافعي

    فضيلتكم…لم اعرف اين يرفع المسلم يديه متى بالتشهد وكيف…..بمعنى ما المقصود برفع اليدين هل عند القيام للركعة الثالثه او عند كل سجود والمصلي جالس….وحبذا لو تبين لنا متى يرفع المسلم يديه في كل الصلاة او في كل ركعة ومتى مع الشكر الجزيل…

  2. مارس 29, 2016 - walid

    أخي أبا أسامة لا يوجد هناك من قال برفع يديه أثناء دعاء التشهد في الجلوس فهو مثل الركعة الخامسة ولكن جئت به مثالا على أن عدم جواز الرفع ثابت بالحقيقة الشرعية وليس بمقولة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم

  3. أكتوبر 15, 2021 - ابراهيم ابو العدس

    (لا تصلوا كما رأيتموني لا أصلي)
    ضربة في العمق مولانا

  4. أكتوبر 19, 2021 - محمد الحوري

    جزاكم الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top