شروط زكاة الماشية بصفة عامة

الصوتية 41: شروط زكاة الماشية بصفة عامة:
لا زكاة في عين غير الأنعام، والأنعام مثل الإبل والبقر والغنم، أما  الأسماك، الدواجن فهذه لا زكاة في عينها إلا إذا قصد بها التجارة، واشترط الشافعية والحنابلة والحنفية أن الزكاة تكون في السائمة التي ترعي في المرعى ويقابلها المعلوفة، لأن مؤنة العلف قد تستغرق الزكاة.
    وعلى شرط الجمهور وهو اشتراط السائمة هل يشترط السوم في كل العام، فشرط السوم طوال العام متعذر، فذهب الحنفية والحنابلة أن المعتبر ما هو أكثر العام، وذهب الشافعية إلى حدٍّ آخر وهو أن المعتبر إذا عُلفت خلال العام علْفا يحفظ الحياة ولو كان قليلا تعتبر معلوفة، ومن ثم لا زكاة فيها، وعلى القولين يعتبر قول الحنفية والحنابلة أحظى للفقراء من رأي الشافعية وفيها فرصة أفضل للفقراء.
وذهب المالكية إلى أنه لا فرق بين السائمة والمعلوفة فتُزكَّى مطلقا، وهو المذهب الأحظ للفقراء، ودليل أن الزكاة في السائمة هو حديث بهز بن حكيم، «في كلِّ سائِمَةِ إِبلٍ: في كلِّ أربعين: بنتُ لبون …» أخرجه أبو داود، والنسائي ، وقال المالكية إن قيد السائمة هو قيد طردي غير معتبر، خرج مخرج الغالب، مثل قوله تعالى : ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به عند ربه، وقوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم، فلا يوجد إله شريك فيه برهان عند الله،  ولا يشترط في تحريم الربيبة أن تكون قد تربت في حجر الرجل، فتحرم عليه بدخولها بأمها وإن لم تتربّ في حجر الزوج ، ومن تمسك بشرط السائمة لهم دليلهم والذي قالوا بالزكاة مطلقا لهم دليلهم، وكلاهما اجتهاد معتبر، فمن أخذ بقول الشافعية وهو أحظاها للمالك، والحنفية والحنابلة متوسط، والاجتهاد المالكي أحظى للفقراء.
   وهنا يظهر المسارعون في الخيرات، وتعدد الاجتهاد المعتبر يبين من يأخذ بالحسن والأحسن، وهنا لا بد أن تتسع دائرة التفكير لاستيعاب الاجتهاد المعتبر، وليست التعددية في العقيدة، فمن مات في الشرك فهذا هلك على ذنب عظيم، أما الذين لا يقيمون لكتاب الله وزنا، فلا يقيم الله لهم يوم القيامة وزنا، وهنا مساحة مشروعة للنظر، وهناك مساحة ممنوعة التي تحارب الشرع، وهذا تعدد غير معتبر، فمن يدعون إلى طرح الإسلام وراءهم، هم يدعون إلى الخرافة والسحر، وبنو إسرائيل زعموا أنهم يؤمنون بما أنزل عليهم، وتركوا ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وكانت عاقبتهم أنهم لم يتبعوا ما أنزل إليهم، ولا ما أنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم اتبعوا السحر وما أنزل على الملكين ببابل، وتمثل المذاهب الأربعة نموذجا لتعدد الاجتهاد المعتبر.
   والمعتبر في زكاة الإبل أن تبلغ نصابا وهو خمس من الإبل للحديث: ليس دون خمس ذَوْد صدقة، ولم يقيد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها معلوفة أو سائمة، عاملة أو غير عاملة، والإطلاق هو دليل العموم، وهو الأصلح في حالنا اليوم لكثرة الفقراء والمختار هو الاجتهاد المالكي، وهو أجدر بالأخذ به في هذه المسألة لما فيه من مصلحة الفقراء، وتُضم الإبل العراب ذات السنام الواحد، إلى البخاتي، جمع بُـخْتِــيَّة، فتضم العِراب إلى البَخاتي للعراب فيجب أن يضمها إلى بعضها في العدد في الزكاة وكلها جنس واحد، وكذلك الحال في البقر والجواميس، ونعد الصغير، ولا نأخذه، ولا يجوز للساعي أن يأخذ الصغيرة أو أسوأ ما عند صاحب الماشية، لأنه إضرار بالفقراء، وأخذ الأحسن إضرار بصاحب المال، وكذلك الضأن وهي الخراف أو الصوف، والماعز لها شعر، والإبل وبر.
لإبل وأرنب يُعزى الوبر    والصوف للنعاج والباقي شَعَر
      والنصاب في الغنم أربعون، تجمع البيضاء وهي الخراف إلى السمراء وهي الماعز، لأنها جنس واحد، وتؤخذ الزكاة من الأكثر الخراف أو الماعز، وإخراج الزكاة بالقيمة مما وجبت فيه الزكاة بعينه، على الجواز عند الحنفية، وعلى الكراهة عند المالكية، والساعي هو الذي ينتدبه الإمام لأخذ الزكاة، وفي حال لم يقم الحاكم بواجبه في هذا المجال فيجب على صاحب المال أن يخرجه بنفسه.
    اشترط المالكية قدوم الساعي في زكاة الماشية، ويبعث الحاكم الساعي إلى مناطق الماشية، وهو وقت طلوع الثريا وهو في اليوم السابع من الشهر السادس في السنة الشمسية، فإذا كانت ثلاثين وولدت قبيل قدوم الساعي فكملت أربعين، فإن فيها الزكاة، وتقدر المواليد الجديدة أنها كانت كامنة في بطون أمهاتها، والحول المعتبر هو حول الأصل، ولما جاء الساعي وجد أربعين شاة منها عشر سخول عمر الواحد منها يومان، فعلى المالك زكاة، والآن لا يوجد ساعي، فكل إنسان عليه أن يحصي الحول الخاص به، فمن ورث خمسين رأسا عن أبيه، فيبدأ حوله من تاريخ ملكه لها، امرأة أعطاها زوجها مهرا خمسة وثلاثين عجلا تشرع في حساب حول الزكاة، وفي حال الشراء للتجارة يكون الحول حول الأصل وهو رأس المال وليس تاريخ ملك القطيع.
     وإن مات صاحب القطيع في حال وجود ساعٍ فإنه عند المالكية لا تجب قبل قدوم الساعي، أما عند الجمهور فإن الزكاة واجبة، وفي واقعنا المعاصر لا يوجد ساعٍ، ولا يعد قدوم الساعي شرطا للوجوب، ويجب الانتباه لأموال الفقراء التي اختلطت اليوم بأموال الأغنياء، والزكاة حق الفقراء وحق الله معا، لذلك تخرج من التركة ولو لم يوص بها الميت إذا علمت، أما إذا لم يعلم فلا تكليف عندئذ، ولا تؤخذ ذات الولد ولا العشراء لأنها من كرائم أموال الناس، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك،
    والـمُعرض عن الزكاة سيعاقب شرعا ومن العقوبة ما يكون في الدنيا في الضرائب المرهقة، وحسبك نعمة أن الله جعلك معطيا لا آخذا، وهناك من يزكي وهو أكثر سعادة من الفقير الآخذ، لما فيها من رضا الله تعالى، ومنع الزكاة سبب للعقوبة وهو كفران النعمة، قال تعالى: وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ ١١٢ ، انظر إلى نعم الله : (وآتاكم من كل ما سألتموه)، وقال تعالى: لإيلاف قريش إيلافهم، رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، نعمة الأمن والأمن يزكى، وهي أعظم نعمة، ما قيمة النعم الكثيرة إذا لم يكن الإنسان آمنا، وثنائي النعمة: سد الحاجة، والأمن، وزكاة الأمن التصدق به على الخائف، وإنصاف المظلوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top