زكاة عروض التجارة (الجزء الثالث)

هذه الصوتية تجيب على الأسئلة الآتية:
1.  ما العروض التي نجعلها في وعاء الزكاة؟ نتصور وعاءين وعاء للأموال التي تجب فيها الزكاة وهو الوعاء الأول، والوعاء الثاني ليس فيه الزكاة.
2.  ما السعر الذي تقوم به عروض التجارة هل هو سعر البيع، وإن كان سعر البيع هل هو سعر البيع بالتجزئة أم بالجملة، أم يزكي بسعر الشراء الذي اشترى؟
3.    ما الوقت الذي نقيم به عروض التجارة؟
4.    ماذا نخرج هل نخرج من عروض التجارة أم من النقود؟
 السلع التي تجب فيها الزكاة التي ستوضع في الوعاء الأول:
نضع فيه كل ما هو معد للبيع، ففي متجر المواد الغذائية، كل ما هو على الأرفف وفي الثلاجات هو معد للبيع، وهذا يوضع في الوعاء الأول الذي فيه الزكاة، بخلاف الرفوف والثلاجة، والعربات، والأكياس التي يضعون فيها السلع، وهذه الأخيرة (الأكياس) توضع في السلة الثانية، لأنها ليست للبيع، أما إذا كان للكيس والغلاف ثمن، فهذا عندئذ يوضع في الوعاء الأول، لأنها أصبحت عرض تجارة.
ضريبة المبيعات: ما يدفعه التاجر من ضرائب لا نحسُبُه ضمن السلَّة، فإذا كانت كلفة بطاقة الهاتف مثلا خمسة دنانير، والشركة لها مربح والموزع، والتاجر لهم أرباح، فالسلعة إذا كان ثمنها مائة على سبيل المثال، ومن المائة  15% ضريبة مبيعات، فإن التاجر لا يسجل في وعاء الزكاة مائة دينار، بل يسجل 85 دينارا، لأن 15% ليست له سيدفعها للدولة، ومثال ذلك أرض ثمنها 100000 دينار، ورسوم التسجيل 4% على البائع، و6% على المشتري، ومن ثَم إذا بيعت الأرض بمائة ألف، سيدفع البائع منها 4% رسوما للدولة، ومن ثم يضع البائع في الوعاء الأول 96 ألف دينار، ويحسم من الثمن الكلي الشامل للرسوم قيمة الرسوم، لأن ثمن الأرض الذي قبضه هو 96 ألف دينار، وهو الثمن الصافي بعد حسم الضريبة.
ضريبة الدخل: لا يجوز حسم ضريبة الدخل من الزكاة، لأن ضريبة الدخل ليست على السلع بل على دخل التاجر أو الشخص، والزكاة خالصة حق للفقراء، والضرائب تختلف عن الزكاة، فهي في مصالح المجتمع عامة، يستفيد منها الغني والفقير، ومصارف الزكاة غير مصارف ضريبة الدخل، وقد حدد الله تعالى مصارف الزكاة تحديدا مختلفا عما تحدده الدولة، وتختلف ضريبة المبيعات عن ضريبة الدخل، وهو أن ضريبة المبيعات على السلعة، وتـمَّ إيجاب الزكاة على الثمن الفعلي الخالي من الضريبة.
وكذلك لا يجوز أن يطرح من وعاء الزكاة وهو الوعاء الأول أجرة المحل أو أجور العمال، أو مصروف السيارات التي تعمل في المتجر، أو أجرة الكهرباء وغير ذلك، بل تحسب قيمة السلع المعروضة للبيع وتخرج منها الزكاة، دون حسم التكاليف التشغيلة للمتجر الشاملة الكهربا، والأجور وغيرها.
المواد التي يشتريها أصحاب المصانع ثم يبيعونها مصنعة، دخَلْنا مثلا على نجار عنده خشب خام قبل التصنيع قيمته 10000 دينار، ويريد أن يصنعه أبوابا مثلا، وقيمته بعد التصنيع 12 ألف دينار، فهل يزكي على عشرة آلاف، أم على اثني عشر الف، العلماء لهم نظران في الموضوع:
الأول: يزكي 12000 دينار، لأننا لا نشترط أن يكون قد اكتسب التاجر السلعة بمعاوضة، فمن قال إن شرط الزكاة ما يكتسَب بالفعل هم السادة الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية، وفي الصنعة التي قيمتها ألفا دينار، وتجب فيها الزكاة لأنها مكتسبة بالفعل.
الثاني: لا زكاة في قيمة الصنعة، والشافعية والمالكية يزكي الخشب بعشرة آلاف دينار فقط ولا يزكي قمية الألفين لأنه الألفين مكتسبة بالعمل لا بالمعاوضة.
وفقه أبي يوسف والحنابلة أحظى للفقراء، فلو قال النجار أزكي عشرة آلاف، ولا أزكي قيمة الصنعة، وقال نجار آخر أنا أزكي الخشب مصنعا وهو اثني عشر ألف دينار، فهنا يظهر التنافس واختبار الإيمان، وكلاهما ناجٍ عند الله تعالى، ومراعاة الخلاف والسنة والمندوب وترك المكروه هي ميدان التنافس، بخلاف القيام بالفرائض وترك المحرمات فهذه لا تنافس فيها لأن الإخلال بها رسوب ودخول في دائرة الحظر واستحقاق العقاب، وهؤلاء لا تنافس بينهم، ويكون التنافس فوق مستوى 50% بين الناجحين، ولا تنافس بين الراسبين الذين يفرطون بالفرض وينتهكون الحرام.
الاسم التجاري: هل الاسم التجاري يزكى، بعض العلماء قالوا إن فيه الزكاة لأن له قيمة مالية، خصوصا إذا كان معدا للبيع، ويعتبر ما في خزانات الوقود والمستودعات معدا للبيع وفيه الزكاة، أما السلع البائرة، فهل تقيم أم لا، فذهب الجمهور إلى أن السلع البائرة تقيم بقيمتها عند وجوب الزكاة، فما اشتراه التاجر بمائة وأصبح ثمنها عشرين، فإن التاجر يزكيها على قيمة 20.
 كيفية التقييم: هل أقول للتاجر أخرج الفواتير وأحسب قيمة السلعة بالفاتورة؟ هذا لا أعلم أحدا قاله، ولكن التقييم عند الفقهاء على سعر البيع، وهو المسجل على السلع وهو السعر يوم الوجوب، بكم يبيع عندئذ يسجل الثمن، ولا نتحدث عن نزول السعر وصعوده طوال العام، ولا نحسب إلا عند الحول، وتطرح الديون على التاجر على النحو الذي سبق الحديث عنه في الديون: فالديون التي على الناس ونقوده في المحفظة وفي بيته وقيمة العروض كلها توضع على السلة الأولى، أما الديون الضعيفة فلا تحسب في السلة الأولى، وفي البرمجيات تحسب قيمة البرنامج فيقيم بالقيمة السوقية وليس القرص على الذي عليه البرنامج،
لا يقيم الدخان في عروض التجار لأنه مال غير متقوم شرعا وكذلك الخمور، لأن الدخان حرام بقرارات المجامع الفقهية، والخمور لا تقيم لانها ليس لها قيمة مالية، وكذلك البرامج والأفلام التي تضر بالأخلاق لأنه غير منتفع بها، وكذلك آلات الطرب، لأن ما لا ينتفع به لا يجوز بيعه لأنه أكل لأموال الناس بالباطل، ولو تراضى البيعان لأن التحريم حق الله، وحق الله يحمي المجتمع، لأن حق المجتمع يملك المجتمع إسقاطه، وكذلك الأعمال الفنية المؤذية للأخلاق الإسلامية فهو مضر بالإنسان ولو اتفق الناس على ماليتها، وكذلك المجلات التي تنشر الصور الفاضحة فهذه ليست لها قيمة مالية لأنه لا يجوز الانتفاع بها، وترتب على ذلك ثمنها حرام وأكل لأموال الناس بالباطل، وهي لا زكاة فيها بناء على أنها عروض تجارة، وندعو لإنتاج فني هادف، ينفع المسلمين.
يقيم محل الجملة بناء على سعر الجملة وتاجر التجزئة يقيم حسب سعر التجزئة، وذهب الشافعية إلى أن التقويم يكون بسعر الجملة، لأن التقييم يكون للجملة ولو كان تاجر تجزئة، لأنه لو أراد أن يبيع محله باعه بسعر الجملة، ومن ثم هو السعر الذي تقيم به العروض.
وهناك رأي وهو أن التاجر يزكي بالسعر الذي يمكن أن يشتري به السلعة، ليس بسعر الفاتورة السابقة للسلعة، بل هو السعر الذي يشتري به التاجر السلعة وقت الحول وهو ما يعرف بالقيمة الاستبدالية.
السلعة قبل التسليم: لو افترضنا أن تاجرا اشترى سلعة وهي قادمة في البحر، وهناك طرق بيع دولية مختلفة، فهناك عقود يملك التاجر السلعة وهي في ميناء دولة المصدر، ولنفترض أن السفينة أ تملك التاجر في السلعة وهي في ميناء الصين، وفي السفينة (ب) يتملك التاجر السلعة في ميناء العقبة الأردني، ففي السفينة (أ) يزكي التاجر حمولة السفينة إذا دخل الحول ولو كانت الحمولة في البحر ولم يستلمها، وفي السفينة ب إذا دخل الحول وما زالت السفينة لم تصل العقبة فإن البضاعة في السفينة (ب) لا تزكى لأنها ليست ملكه أما إذا وصلت العقبة ودخل حول التاجر قبل وصولها العقبة فإنها لا تزكى لعدم ملكها.
مثال آخر عندي معرض سيارات، عندي معرض سيارات اشتريت سيارة بدين، لا زكاة عليها حتى تبقى عاما كاملا، فإن بقيت عاما كاملا تزكى ولو لم يسدد التاجر ثمنها،   ومثال آخر لو اشتريت مائتي طن قمح ودفعت ثمنها وكان حولي هو الأول من محرم ووقت تسليم القمح بعد رأس حولي بشهرين، وكانت قيمة قمحي عند تاريخ التسليم مائتي ألف دينار، وكانت قيمتها في الأول من محرم مائة وتسعين ألفا فإنه يزكي على المائة وتسعين ألفا، فلا يزكي على ما عليه السعر عند الأجل، لأن التاجر ملك القمح عند العقد، وهي في ملكه، ولذلك يزكيها،
الهدف من عرض هذه المادة هو إعطاء فكرة للمسلم إلى معطيات ضرورية للتاجر المسلم، وليس الدخول في امتحان والحصول على علامة كاملة.
إخراج الزكاة من عروض التجارة نفسها: على فرض أننا حسبنا الزكاة للتاجر فقلنا له عليك زكاة عشرة آلاف دينار، فقال أنا أخرج الزكاة من السمك الصالح ولكن بقي وقت قليل وتنتهي صلاحيته وكذلك المعلبات، اتفق العلماء أنه لا يجوز إخراج الزكاة من الأموال البائرة، وهذا التاجر بئس ما قدمه لنفسه، فيقال له يوم القيامة خذ سمكك الفاسد فهذه صدقتك التي قدمتها لنفسك.
وذهب جمهور الفقهاء الشافعية والمالكية والحنابلة إلى عدم جواز إخراج زكاة عروض التجارة من عينها مطلقا وهذا هو القول الجديد عند الشافعي، والقديم عنده يخير بين العين والنقد، وذهب الحنفية إلى أنه يجوز الإخراج من العروض بشرط أن لا تكون كاسدة.
نقل زكاة عروض التجارة:
 على فرض تعدد فروع الشركة بين دول مختلفة والتاجر أردني مثلا، فأين يخرج زكاة الفرع في القاهرة؟ فهل يأتي بها إلى عمان؟ فالأصل في الزكاة أنها حيث توجد البضاعة، للحكمة في تأليف القلوب في مكان عروض التجارة، فزكاة مزارع عجلون مثلا في عجلون، فهذه وسيلة من الشرع لدمج مصلحة الفقراء مع  الأغنياء لأنهم شركاء بنسبة 2.5% وهي حكمة شرعية للقضاء على التمييز الطبقي، أما في حالة عدم الزكاة ستتجه فؤوس الفقراء لمتاجر الأغنياء، وهو ما يفسر هجوم الفقراء على المتاجر الكبرى والبنوك، في حالة القلق الأمني.
ولكن مع ذلك يمكن اعتبار القرابة مجيزة للنقل من مكان إلى مكان، فلا يوجد إشكال في النقود، فلا كلفة في نقلها، أما الإشكال فيما فيه تكاليف نقل، فكلفة النقل على المزكي أو الدولة، وحق الفقير في صافي الزكاة، والاعتبار الثاني تنقل الزكاة لمن أشد فقرا، فيجوز نقل زكاة عمان لمن هم في مجاهيل البادية، التي لا يوجد فيها أغنياء يخرجون الزكاة، وبلدان المسلمين التي فيها الكوارث، وفيها ثغور واحتلال فتنقل الزكاة لتثبيت المسلمين في أرض فلسطين، لحماية الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to top